لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٤٢)
____________________________________
عليهم سبحانه (لَوْ كانَ) ما دعوتهم إليه يا رسول الله (عَرَضاً قَرِيباً) أي غنيمة سهلة التناول ، فإن أموال الدنيا تسمى أعراضا باعتبار كونها زائلة فانية (وَسَفَراً قاصِداً) أي سفرا متوسطا في البعد والقرب ، بأن سهل عليهم الذهاب والخروج (لَاتَّبَعُوكَ) لأنه يسهل عليهم ذلك (وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ) أي المسافة ، فإن الشقة بمعنى القطعة من الأرض التي يشق على إنسان السير فيها لبعدها ، ولذا يأتون بالأعذار الواهية فرارا (وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ) فإنهم كانوا يحلفون بأنهم لا يقدرون على الخروج لاشتغالهم وأن لهم أعذارا مشروعة (يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ) هؤلاء المعتذرون باستحقاقهم العقاب في الآخرة ، والنكال في الدنيا ، فإن ترك الجهاد يوجب الذلة والصغار للفرد والجماعة (وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) في ادعائهم أنهم لا يستطيعون الخروج.
[٤٣] استأذن جماعة من المنافقين الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في تركهم الخروج إلى تبوك ، فأذن لهم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد كان هذا الإذن كسائر أوامر الرسول وكلماته بالوحي بدليل قوله سبحانه : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (١) ، لكن الاستئذان من القوم كان نفاقا فاستحقوا العقاب.
__________________
(١) النجم : ٤ و ٥.