زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (٣٧)
____________________________________
تعداد الحرام الذي جعله الله ، فإنهم لا يحلون الشهر الحرام ، إلا وجعلوا مكانه شهرا آخر حراما ، وهذان عصيانان : تحليل الحرام ، وتحريم الحلال (زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ) فقد زين الشيطان في نظرهم الأعمال السيئة فلازموها وافتخروا بها (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) الذين يصرّون على الكفر بعد تبيّن الحق ، فإنه سبحانه لا يلطف بهم لطفه الخاص.
[٣٨] وفي سياق حكم الجهاد مع الأعراب يأتي دور الكلام حول جهاد الروم ، فإنه لما رجع رسول الله من الطائف أمر بالجهاد لغزو الروم ، وذلك في زمان إدراك الثمار فأحبوا المقام في مساكنهم وقريبا من أموالهم ، وشق عليهم الخروج إلى القتال ، وكان من عادته صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يخفي الغزوة التي يريدها غالبا ، لئلّا يعرف العدو فيتخذ أهبته منها فيكثر القتلى ، ولذا كان إذا أراد الخروج نحو غزوة في الشمال ذهب مقدارا نحو الجنوب ثم انحنى صوب قصده إلا في هذه الغزوة حيث كانت الشقة بعيدة والعدو كثير ، فإنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أخبر أصحابه بذلك ليتأهبوا ويأخذوا حذرهم ، وتسمى هذه الغزوة ب «تبوك» وقد بلغ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن الروم قد جمعوا له أطراف الجزيرة بالشام وأن هرقل قد رزق أصحابه رزق سنة ، وانضمت إليهم لخم وجذم وعاملة وغسان من قبائل العرب وقدموا مقدماتهم إلى البقاء. فاستنفر المسلمين لجهادهم ، وهنا وجد المنافقون فرصتهم لإظهار نواياهم فأخذوا يخذلون المسلمين ، قائلين : «لا تنفروا في الحر» فقد كان الهواء حارا ،