إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللهُ
____________________________________
«نسيئا» فإن «أنسأ» بمعنى أخّر ، و «النسيء» بمعنى تأخير الشهر الحرام عن وقته.
(إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ) فإن المشركين كانوا كفارا حسب عقائدهم حول الإله. واليوم الآخر فتحليل الحرام وتحريم الحلال ، زيادة في الكفر ، لأن التشريع لله وحده ، فمن شرع في قبال الله سبحانه فهو كافر (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (١). ومن المعلوم أن الكفر والإيمان قابلان للزيادة والنقصان (يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي يضل بسبب هذا النسيء الكفار ، أما غير الكفار فإنهم لا يتبعون إلا شريعة الله سبحانه فلا ضلال لهم بالنسيء ، ومعنى «يضلّ» ـ بالبناء للمفعول ـ أن النسيء يسبب انحرافهم عن جادة الهدى (يُحِلُّونَهُ) أي يحلون الشهر الحرام (عاماً) في عام فيجعلون المحرم حلالا (وَيُحَرِّمُونَهُ عاماً) فيمشون على الأصل في تحريم شهر محرم ، وذلك حين يحتاجون إلى القتال في المحرم يحلّلونه ، ويجعلون صفر بدله حراما ، وحين لا يحتاجون إلى القتال يكون المحرم على حاله في التحريم ، وإنما يقدمون الحرام ويؤخرونه (لِيُواطِؤُا) أي ليوافقوا ، يقال : «واطأ» في الشعر ، إذا قال بيتين على قافية واحدة ، ومثله «أوطأ» (عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا ما حَرَّمَ اللهُ) أي ليكون تعداد الحرام بقدر
__________________
(١) المائدة : ٤٥.