فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (٣٦)
____________________________________
حتى تهدأ النفوس ، وتزول الهموم منها ، فإن فترة الأشهر بغير ذلك فإنها لا تلائم الفطرة والخلق (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَ) في تلك الأشهر الحرم (أَنْفُسَكُمْ) بخرق حرمتها ، فإن خرق حرمتها يوجب عقابا ونكالا.
(وَقاتِلُوا) أيها المسلمون (الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً) من غير فرق بين أقسامهم وأصنافهم ، و «كافة» بمعنى الإحاطة ، مأخوذة من «كافة الشيء» وهي حرفه ، وإذا انتهى الشيء إلى ذلك كفّ عن الزيادة ، وأصل الكف : المنع ، و «كافة» منصوبة على المصدر (كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) أي أن قتالكم لهم إنما هو في مقابلة قتالهم لكم (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) فلا تفعلوا في الحرب ما ينافي التقوى ، فإن الله سبحانه مع الذين يتقون معاصيه ، ويمتثلون أوامره.
[٣٧] لما بيّن سبحانه حرمة أشهر الحرم الأربعة ، ذكر ما كان يفعله الجاهليون حيث كانوا يؤخرون تحريم الشهر الحرام إلى صفر حيثما شاءوا ذلك ، فيحرمون صفر ويستحلون المحرم ، ثم إذا انقضت حاجتهم أرجعوا الحرام إلى المحرم ، وكان يقوم بذلك رجل من كنانة يقال له نعيم بن ثعلبة ، وكان رئيس الموسم ، فيقول : أنا الذي لا أعاب ولا أجاب ولا يردّ لي قضاء. فيقولون : نعم صدقت ، أنسئنا شهرا أو أخّر عنا حرمة المحرم واجعلها في صفر ، وأحل المحرم. فيفعل ذلك ، فإنهم بذلك يريدون القتال في الحرم ، وهذا العمل يسمى