إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ
____________________________________
[٣٦] ولما أوجب سبحانه قتال الكفار وأهل الكتاب الذين انحرفوا ، بيّن أنه لا يحل القتال في الأشهر الحرم التي هي : ذو القعدة ، وذو الحجة ، ومحرم ، ورجب. فقد قرّر الله سبحانه السلام في هذه الأشهر ليستريح الناس فيها وليكونوا في أمن ، كما قرر السلام في الحرم ليكون مكانا للسلام ، وقد قدم على ذلك مقدمة هي عدة الشهور ، وأنها مرتبطة بدورة الفلك (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ) حسب أمره وتقديره (اثْنا عَشَرَ شَهْراً) محرم ، وصفر ، وربيع الأول ، وربيع الثاني ، وجمادى الأولى ، وجمادى الآخرة ، ورجب ، وشعبان ، ورمضان ، وشوال ، وذو القعدة ، وذو الحجة (فِي كِتابِ اللهِ) أي ما كتبه وقرره ، وذلك طبق ناموس خلق الكون حيث دورة الفلك وسير الشمس والقمر ، وقد كانت الكتابة (يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) فإنه من ذلك اليوم أجرى النيّرين المعدلين للشهور والسنوات. والظاهر من الأشهر ، الأشهر القمرية ، لأنها المتبادر لدى الشرع والمتشرعة.
(مِنْها) أي من تلك الأشهر (أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) سمّي الشهر حراما ، لحرمة القتل والقتال فيه ، ولما له من الاحترام ، وقد كان كذلك قبل الإسلام أيضا ، حتى أن ولي الدم لو رأى قاتل أبيه لم يهجم عليه بسوء حتى ينقضي الشهر الحرام (ذلِكَ) الترتيب للأشهر ، والحرم منها (الدِّينُ الْقَيِّمُ) أي الطريقة القويمة المستقيمة ، لأنها مطابقة لناموس الخلق وحركة النيّرين ، ولأن السلام لا بد وأن يسود فترة من الزمن ،