فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ
____________________________________
وهناك بعض المتفلسفين يقولون : كيف يحكم بنجاسة إنسان ، ولزوم الاجتناب عنه ، لمجرد انحراف عقيدة ، وهذا مناف لحرية الآراء؟
والجواب : إنه كيف يحكم بالاجتناب عن إنسان لمجرد أنه مصاب بالجذام ونحوه ، لمجرد انحراف مزاج ، وهذا مناف لكرامة الإنسان ، فإذا كان الخوف على الجسم يبيح الاجتناب فالخوف على الروح أولى بالإباحة.
(فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) والمراد : عدم دخوله ، والمسجد الحرام من باب المورد ، فإن عليا عليهالسلام أمر بحكم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أن ينادي : «لا يحج بعد هذا العام مشرك» (١).
وإن قيل : فكيف دخل وفد نجران مسجد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم؟
نقول : إنه قبل نزول هذا الحكم ، فإن الأحكام نزلت تدريجا ، أما القول بأن النصارى ليسوا بمشركين. فهو خلاف قوله تعالى : (سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٢) ، وقوله : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) (٣) ، وقوله : (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ) (٤).
(بَعْدَ عامِهِمْ هذا) في السنين المقبلة (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً) أي فقرا ، فقد كان المنع عن المشركين يضر باقتصاد أهل مكة حيث أن كثيرا من وارداتهم كانت من الحجاج المشركين (فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ١٣ ص ٤٠٠.
(٢) التوبة : ٣١.
(٣) المائدة : ٧٤.
(٤) المائدة : ١١٧.