ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها
____________________________________
أنهم لم يثبتوا أول الأمر ، فإن الثبات أول الأمر خليق بأن يكشف النازلة ، كما أنهم أخطئوا حين اغتروا بكثرتهم ، فإن الإنسان إذا رأى كثرة من معه تقوى فيه روح الاتكالية ، وذلك خليق بانهزامه. ثم إن مقدمة الجيش لم تتخذ احتياطاتها اللازمة ، فإن دخول مثل هذا الموضع مما يحيط به الجبال يحتاج إلى إرسال بعض القوات الاستطلاعية.
[٢٦] (ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ) أي السكون النفسي الذي يزول الخوف معه ، فإن أقوى أسباب الهزيمة في كل ميدان ، تزلزل النفس وعدم اطمئنانها بالنصر ، أما إذا قويت النفس على تحمّل المكروه كان الإنسان خليقا بالنصر (وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) الذين بقوا معه ولم ينهزموا. فقد بقي مع الرسول تسعة من بني هاشم أولهم أمير المؤمنين عليهالسلام كما بقي ابن أم أيمن وقد قتل في ذلك اليوم ، أو المراد : المؤمنين حين رجوعهم إلى الرسول ، فإن الجيش الذي يفر إذا فكر في العاقبة تقوى نفسه بإذن الله سبحانه (وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها) فقد أنزل الله سبحانه أفواجا من الملائكة لنصرة المؤمنين. وهذا ليس بغريب ، فقد وعد سبحانه بنصرة الملائكة لكل من استقام فكيف بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال سبحانه : (الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) (١).
وقد ورد : أن رجلا من المشركين قال للمؤمنين ، وهو أسير في أيديهم : أين الخيل البلق والرجال عليهم الثياب البيض ، فإنما كان قتلنا
__________________
(١) فصلت : ٣١.