لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ (٢٥)
____________________________________
جهاد الكفار ثم (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا) (١) يعني : أنكم أيها المسلمون صرتم كأولئك ، والمراد ب «أصحاب بيعة الشجرة» أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم حين صلح الحديبية اتكأ على شجرة وبايع المسلمين من جديد ، ليمتثلوا أوامره ، كأنه ما كانت كما قال سبحانه : (إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) (٢).
(لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ) أيها المسلمون (فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ) في بعض الأخبار أنها كانت ثمانين (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ) أي : ونصركم في يوم حنين ، وتخصيصه بالذكر لأنه لو لا نصرة الله سبحانه لم يكن لهم نصر حسب الظاهر بعد فرارهم وانهزامهم (إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) فإنه لم يتفق لجيش المسلمين أن يكونوا اثني عشر ألفا قبل ذلك ، وقد قال بعضهم : لن نغلب اليوم من قلة ، لما رأوا من كثرتهم المدهشة في الجيش (فَلَمْ تُغْنِ) الكثرة (عَنْكُمْ شَيْئاً) أي لم تفدكم الكثرة (وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ) أي برحبها وسعتها ، و «الباء» بمعنى مع ، أي مع كونها وسيعة فسيحة ضاقت عليكم ، فإن الإنسان إذا خاف ، يرى في نفسه ضيق الأرض ، بالإضافة إلى أنهم لم يجدوا موضعا للفرار ، لاحتمال وجود العدو في كل مكان (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) أي انهزمتم من عدوكم ، وأعطيتم أدباركم للعدو ، وقد كان الخطأ من المسلمين
__________________
(١) البقرة : ٢٤٧.
(٢) الفتح : ١٩.