قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٥٣) إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ
____________________________________
ولا يردون ، ف (قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) أهلكوها بالعذاب والعقاب ، وأعطوها بمقابل النار ، حيثما أعطى أهل الإيمان نفوسهم في مقابل الجنان ، وربحوا أكبر ربح (وَضَلَّ عَنْهُمْ) أي ذهب وغاب (ما كانُوا يَفْتَرُونَ) أي افتراؤهم على الله بالشرك ، فإن الأصنام التي جعلوها شريكة لله ، وكانوا يقولون : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) (١) ، ضلت عنهم فلم يجدوها ، ولا شفعت لهم هناك.
[٥٥] ثم بيّن سبحانه أن الله واحد لا شريك له ، وأنه الذي خلق وكوّن ، لا شريك له في شيء من الأمور الكونية (إِنَّ رَبَّكُمُ) أيها الناس (اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ) أنشأها وكوّنها (وَالْأَرْضَ) أوجدها. ولعل ذكر «السماوات» غالبا بلفظ الجمع ، و «الأرض» بلفظ المفرد ، مع أن كلتيهما متعددة ، كما قال سبحانه : (وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَ) (٢) ، أن تعدد السماوات كان مألوفا لديهم ، لما يخبر به المنجمون ، من أفلاك الكواكب السيارة ، بخلاف تعدد الأرض ، ومن البلاغة أن يكلم الإنسان المخاطبين قدر عقولهم (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) أي في مقدار ستة أيام من أيام الدنيا ، وإن لم تكن أيام ذلك الوقت ، حيث لا شمس ولا قمر ولا حركة ، أما مصلحة خلقها في ستة أيام مع قدرته سبحانه في
__________________
(١) الزمر : ٤.
(٢) الطلاق : ١٣.