وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ
____________________________________
أملى عليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذات يوم : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ) ـ إلى قوله ـ (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ) (١) ، فجرى على لسان ابن أبي سرح : (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) فأملاه عليه وقال : هكذا أنزل فارتد عدو الله وقال : لئن كان محمد صادقا فقد أوحي إليّ كما أوحي إليه ولئن كان كاذبا فلقد قلت كما قال (٢).
(وَلَوْ تَرى) يا رسول الله (إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ) أي في شدائد الموت عند النزع ، كأن الموت بشدائده يغمرهم مرة فمرة ، كما يغمر الماء الغريق (وَالْمَلائِكَةُ) القابضة لأرواحهم (باسِطُوا أَيْدِيهِمْ) لقبض أرواحهم بأبشع الوسائل يضربون وجوههم وأدبارهم ، قائلين لهم : (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ) من أجسادكم ، وهذا للإذلال والإهانة ، وإلا فليس خروج أنفسهم بإمكانهم ، بل بقدرة الله تعالى (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ) أيها الظالمون (عَذابَ الْهُونِ) فإنه ليس عذابا جسديا فقط بل معه ذلة وهوان (بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِ) أي جازاكم بعذاب الهون بسبب مقالتكم الكاذبة على الله حيث كنتم تقولون : «أوحي إلينا ولم يوح إليكم» ومعنى «على الله» أي بالنسبة إليه سبحانه (وَ) بما (كُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ) ودلائله
__________________
(١) المؤمنون : ١٣ ـ ١٥.
(٢) مجمع البيان : ج ٤ ص ١١١.