للقرآن بطونا ،
ولأنه لا تفنى غرائبه كما في الحديث ، فلعله سبحانه جعله يتدرج في الظهور كما جعل
حقائق كونه ، في الدنيا وفي الآخرة تتدرج في الظهور.
وكيف كان فيدل على
المقدمة الرابعة عدم وجود الهداية في ما عدا القرآن كما نص بذلك متواتر الروايات ،
فلو كان البشر أوسع للزم وجود الهداية في ما عدا القرآن الأزيد من القرآن لا بد
وأن يكون له طريق مستقيم وطريق غير مستقيم ، ومعرفة البشر الطريق المستقيم في
المقدار الأزيد هداية ، والمفروض أنه لا هداية في ما سوى القرآن.
إذا تحققت هذه
المقدمات الأربع قلنا : ثبت أن فكر البشر في أحوال المبدأ والمعاد والمعاش بكل
أصنافه من عبادة ومعاملة بأقسام المعاملات ، وأخلاق وغيرها لا يعدو القرآن كما ثبت
أن أعماله بكل أنواعها لا تعدو القرآن ، فاللازم تطبيق فكره وعمله في إطار القرآن
إذ القرآن مرماة للكون والبشر مأمور بفهم هذا الكون والعمل على طبق ذلك الفهم ،
فمثلا إذا فرضنا أن المريض كان مأمورا بشفاء نفسه ووصف المرض ووصف الدواء كان
مكتوبا بكتاب ، وقال الآمر : أفهم داءك ودوائك وأعمل لشفائك ، كان اللازم على
المريض أن يفهم الكتاب وألّا يبقى مريضا.
وعليه فإذا أفرغ
البشر فكره وعمله في إطار القرآن هدى ، وإلا ضل عن سواء السبيل ، وللتوضيح نقول :
حقيقة المبدأ وحقيقة المعاد وحقيقة المخلوقات ، أي خلق السماوات والأرض والجبال
والرعد والبرق والجنة والنار والموت والحياة وغيرها ، شيء ثابت مسلّم سواء فهمها
البشر أم لا.
كما أن سعادة
البشر في الصلاة والصيام والزكاة والبيع والنكاح والحرية والحدود والقصاص وغيرها ،
والواقع في باب الفهم وأسلوب العمل المسعد في باب العمل في القرآن الحكيم ، فإن صب
البشر فكره في