قالب فهم القرآن أدرك الحقائق وإن صب البشر عمله في قالب العمل الذي أرشد إليه القرآن سعد ، وإلّا أخطأ في فكره وشقي في عمله مثلا قال القرآن : الإله واحد ، وقال : أقيموا الصلاة ، فإن لم يصب البشر فكره وعمله في هذين ، لقال بأن الإله اثنان ، ولم يصل ، والأول يوجب انحراف فهمه عن الواقع ، والثاني يوجب شقائه حتى في الدنيا ، لأنه كما قال سبحانه : (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (١) وقال تعالى : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) (٢).
ثم أن هنا ثلاثة أمور :
الأول : إن للقرآن ظهرا وبطنا ، ولبطنه بطن وهكذا ، وإذا لا حظنا ذلك في التكوينات التي خلقها الله سبحانه ظهر نوع شبه لفهم المقصود بذلك ، فمثلا التفاح له ظهر هو قشره ، وبطن هو لبه ، ولبطنه بطن هو نواته ، ولنواته بطن هو مخه ، وهكذا الإنسان له ظهر هو جلده المرئي منه ، وله بطن هو لحمه ، ولبطنه بطن هو القلب والكبد والكلية ، وكل بطن بمنزلة مخ النواة ، وفي القرآن مثلا قال سبحانه : (وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) (٣) فظهره هؤلاء الثلاثة في قبال موسى عليهالسلام ، وبطنه أمثالهم في قبال محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم أمثالهم في قبال علي عليهالسلام وهكذا ، ويؤيد هذا المعنى ما ورد من أن القرآن كالشمس تجري كل يوم ، فله انطباق في كل زمان على أفراد وأعمال وحالات.
ثم أن من الطبيعي أن يكون القرآن كذلك ، لأنه كتاب اللفظ في قبال كتاب الكون ، فاللازم انطباق هذا الكتاب على ذلك الكتاب ، وإلا لم يكن كامل الانطباق.
__________________
(١) الرعد : ٢٩.
(٢) طه : ١٥.
(٣) القصص : ٧.