فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (١٣٩) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ
____________________________________
الدنيوية ، فإن الغالب أن المنافق إنما ينافق تحفظا على دنياه ، أي على عزته المزعومة التي يجدها في ضلال الكفر وبمؤاخاة وصداقة الكافرين (فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) إذ بيده الدنيا بجميع ما فيها ، فلو آمنوا حقيقة لكان لهم من العزة ما ليس للمنافقين ، لأن دنياهم بالإضافة إلى عزتهم الظاهرية حاصلة عند المؤمنين ، فإن المنافق منبوذ لا عزة له بين المؤمنين.
[١٤١] ثم ذكر سبحانه خصلة أخرى للمنافقين ، فقد كانوا يجالسون أهل الكتاب ، فيسخر أولئك من القرآن والرسول ، والمنافقون ساكتون حيث يوافقونهم قلبا ، بخلاف المؤمنين الذين لم يكن أهل الكتاب يجرءون لمثل ذلك أمامهم ، وهذه صفة المؤمن والمنافق في كل زمان (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ) أي في القرآن في قوله : (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (١) بمعنى أنه إذا خاضوا في غيره حال مجالستهم (أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ) أيها المسلمون (آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها) والفرق بينهما واضح فإن الكفر بها إنكارها ، والاستهزاء بها السخر والاستهانة بها (فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ) بل قوموا واذهبوا (حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) الخوض في الحديث
__________________
(١) الأنعام : ٦٩.