وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ
____________________________________
نزلت آيات الهجرة سمعها رجل من المسلمين كان بمكة يسمى «جندب بن حمزة» فقال : والله ما أنا مما استثنى الله إني لأجد قوة ، وإني لعالم بالطريق ، وكان مريضا شديد المرض فقال لبنيه : والله لا أبيت بمكة حتى أخرج منها ، فإني أخاف أن أموت فيها ، فخرجوا يحملونه على سرير حتى إذا بلغ التنعيم مات ، فنزلت الآية (١).
[١٠٢] ولما أمر سبحانه بالجهاد والهجرة ، بيّن كيفية الصلاة في السفر والخوف إشفاقا على الأمة ورحمة بهم وتفضلا عليهم ، والآية وإن كانت ظاهرة في الخوف فقط لأنه سبحانه قال : «إن خفتم» لكن القيد على الغالب في ذلك الزمان عند نزول الآية ، وإنما الاعتبار بالضرب في الأرض ، وقد ، كثر في القرآن الحكيم «القيد الغالبي» كقوله تعالى : (وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) (٢) مع أن كونهن «في حجوركم» ليس بشرط ، وكقوله : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) (٣) وغيرهما.
(وَإِذا ضَرَبْتُمْ) أي سافرتم أيها المسلمون (فِي الْأَرْضِ) ومن المعلوم أن السفر مشروط بأمور أخرى مذكورة في الكتب الفقهية (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) ليس لفظ «ليس عليكم جناح» للإباحة كما هو الظاهر منه ، بل في مقام دفع توهم «الحضر» ، كقوله : (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) (٤) فقد كان التمام واجبا ، وفي السفر ، حيث يتوهم بقاؤه على الوجوب ،
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٣ ص ١٧١.
(٢) النساء : ٢٤.
(٣) النور : ٣٤.
(٤) البقرة : ١٥٩.