وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (٩٥) دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً
____________________________________
وفي تفسير «الأصفى» ورد : «لقد خلفتم في المدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم ، وهم الذين صحت نياتهم ونضجت جيوبهم وهوت أفئدتهم إلى الجهاد ، وقد منعهم من المسير ضرر أو غير ضرر». أقول : كان هذا في غزوة تبوك.
(وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً) فقد ورد : «إن فوق كل برّ برّ إلا الجهاد في سبيل الله» (١) ، كما ورد : «إن الأجر على قدر المشقة» (٢) ، وورد : «ما أعمال البر كلها ... إلا كنفثة في بحر لجي» (٣) وكان قوله «أجرا عظيما» لدفع وهم ربما يتوهم من قوله «درجة» فيقال : أنه لا فرق بين المجاهد والقاعد إلا درجة ، فيقال في الجواب : أنه لا أهمية للدرجة في مقابل تعب الجهاد ومشقته فقد جعل الله له أجرا عظيما.
[٩٧] ثم بيّن سبحانه الأجر العظيم بقوله : ذلك الأجر هو (دَرَجاتٍ مِنْهُ) أي من قبل الله سبحانه ، وهذا تعظيم للأمر ، فإن الدرجة لو كانت من غيره لكانت هينة ، إذ الدنيا عرض زائل أما التي منه سبحانه فإنها شيء عظيم باق. وفي الحديث : «إن الله فضل المجاهدين على القاعدين سبعين درجة ، بين كل درجتين مسيرة سبعين خريفا للفرس الجواد المضمر». (٤)
(وَمَغْفِرَةً) أي غفرانا لذنوب المجاهد (وَرَحْمَةً) أي يرحم الله
__________________
(١) راجع بحار الأنوار : ج ٧١ ص ٨٣.
(٢) بحار الأنوار : ج ٧٠ ص ٢٧٥.
(٣) نهج البلاغة : حكمة رقم ٣٧٣.
(٤) كنز الدقائق : ج ٢ ص ٥٨٣.