ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (٥٩) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ
____________________________________
فذلك من مقتضيات الكفر كما قال سبحانه : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) (١) ، (ذلِكَ) الرجوع إلى الله والرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في صورة التنازع (خَيْرٌ) لكم لأن إرشاداتهما لصلاح دينكم ودنياكم (وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) أي من جهة الأول والعاقبة ، فإن عاقبة الحق خير من عاقبة الباطل. والعاقبة تسمّى تأويلا لأنها مآل الأمر ومرجعه ، ويحتمل أن يكون المراد : أنه أحسن من تأويلكم إياه.
[٦١] ولما بيّن سبحانه وجوب الرجوع في موارد النزاع إلى حكم الله والرسول أبدى التعجّب من الذين يدّعون الإيمان ثم يرجعون في قضاياهم إلى أحكام مخالفة لأحكام الله والرسول بقوله : (أَلَمْ تَرَ) يا رسول الله (إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) ليعدّوا أنفسهم في زمرة المسلمين (وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) فإنهم يظهرون الإيمان بكل رسل الله وكتبه اتباعا لقوله : (وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ ..) (٢) ، وهذا لتأكيد أنهم في سمات المؤمنين بكل مقوماتها (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا) أي يرفعوا مشاكلهم وقضاياهم المتنازع فيها (إِلَى الطَّاغُوتِ) مبالغة في الطغيان وكل حكم غير
__________________
(١) المائدة : ٤٥.
(٢) البقرة : ١٣٧.