وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً (٥٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ
____________________________________
ما أمروا به وخانوا الأمانة الإلهية كما قال سبحانه : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ) (١) في حين أن الله تعالى يأمر بأداء الأمانة المادية ، فكيف بأعظم الأمانات الروحية؟! كما أنهم حكموا بالجور حين قالوا : إن المشركين أهدى من الذين آمنوا سبيلا ، بينما يحكم الله تعالى الحكم بالعدل (وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ) في أمور دينهم أو دنياهم (أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) فلا تميلوا إلى ناحية دون ناحية لمجرد الهوى أو الرشوة أو العاطفة أو ما أشبه (إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ) أي نعم الشيء الذي يعظكم به وهو أداء الأمانة والحكم بالعدل وضمير «به» راجع إلى «ما» (إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً) يسمع كلامكم (بَصِيراً) يبصر حركاتكم وأعمالكم ، فإنكم إذا خنتم الأمانة أو حكمتم بالجور فإنه لا يذهب ذلك على السميع البصير.
[٦٠] وحيث بيّن سبحانه ما يجب على الحاكم من العدل ، بيّن ما يجب على الأمة تجاه الحاكم العادل من الطاعة والسمع ، وبيّن الحاكم الذي يحق له أن يحكم ، بقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ) بالائتمار بأوامره والانزجار عن زواجره (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) قد تقدم سابقا أن إطاعة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم هي إطاعة الله وإنما يذكران معا تبجيلا للرسول ولإفادة أن أوامره كأوامر الله سبحانه (وَ) أطيعوا (أُولِي الْأَمْرِ) أي أصحاب
__________________
(١) الأحزاب : ٧٣.