ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ
____________________________________
«اللام» في قوله «ليزدادوا» لام العاقبة كقوله تعالى : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) (١).
[١٨٠] ثم يرتد السياق إلى قصة أحد حيث انكشف هناك المؤمن الذي تبع الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في الحرب من المنافق الذي تخلّف عن الجهاد كعبد الله ابن أبي سلول بمن تخلف معه (ما كانَ اللهُ) أي ليس من سنته سبحانه أن لا يمتحن (لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ) أي يدعهم ويتركهم (عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) من ظاهر الإيمان الذي يتساوى فيه المؤمن والمنافق (حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) لكي يظهر ما يضمره كل فريق. وفي بعض التفاسير : أن المشركين قالوا لأبي طالب : إن كان محمد صادقا فليخبرنا من يؤمن منا ومن يكفر؟ فإن وجدنا خبره صدقا آمنا به. فنزلت الآية (٢).
وعلى هذا فمعنى (عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) أي حالكم قبل الإيمان ، فلا يترك سبحانه المؤمن على كفره بين سائر الكفار (وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ) حتى تعلموا أن هذا مؤمن وهذا منافق ، بدون الاختبار الخارجي المظهر للضمائر (وَلكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي) أي يختار لاطلاعه على الغيب (مِنْ رُسُلِهِ) وأنبيائه (مَنْ يَشاءُ) وهذا كقوله
__________________
(١) القصص : ٩.
(٢) مجمع البيان : ج ٢ ص ٤٥٦.