وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (١٤٥)
____________________________________
فإن الارتداد من أعظم أقسام الكفر ، كما قال سبحانه : (بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ) (١).
[١٤٦] وهنا تلميح إلى عتاب آخر موجّه للمسلمين لانهزامهم يوم أحد خوف الموت ، فلم الفرار؟ أمن خوف الموت ، وليس الموت إلا بإذن الله تعالى ، وما قدّر من أجل للإنسان ، فالفرار وعدمه سيان بالنسبة إلى الوقت المحدد لحياة الإنسان (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ) إن النفوس ليست هملا حتى تموت من تموت وتبقى من تبقى بأسباب عادية من غير توسط مشيئة الباري سبحانه ، فإن الموت لا يكون (إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) ومشيئته (كِتاباً مُؤَجَّلاً) أي كتب الله ذلك الوقت في اللوح المحفوظ كتابا ذا أجل ومدة محدودة معلومة (وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا) وخيرها وتعب وعمل لأجل المنافع الدنيوية (نُؤْتِهِ مِنْها) فإن الذي عمل يرى الله نتيجة عمله (وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ) وخيرها وعمل لأجل ثواب الآخرة (نُؤْتِهِ مِنْها) بقدر ما عمل ، فارغبوا أيها المسلمون في ثواب الله وأجره الأخروي بالجهاد والثبات ولا تفروا كما فررتم في أحد (وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ) جزاء حسنا ، ومن الشكر يعرف الإنسان قيمة ما خوّله الله سبحانه من الإسلام ووفقه للجهاد بين يدي رسوله لإعلاء كلمة الله ، فمن شكر ذلك يجزى جزاء الشاكرين.
__________________
(١) الحجرات : ١٨.