إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ
____________________________________
وهو : أن الله لما ذا يضرب المثل ، كما مثل للمنافق هنا ، ومثل في سور أخرى بالعنكبوت ونحوها؟ فإن المثال أوقع في النفوس ، وموجب لتقريب المطلب إلى الأذهان.
[٢٧] (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما) فإن الحياء من الأشياء القبيحة ، أو نحوها ، وليس في تمثيل الله الكبير بالأشياء الصغيرة الحقيرة ، في النظر حياء ، أي مثل كان ، وهذا معنى قوله «ما» أي شيئا من الأشياء ، (بَعُوضَةً) وهي البقة (فَما فَوْقَها) ولعل ذكر البعوضة هنا لأنها أصغر حيوان متعارف يراه كل أحد (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ) أي المثل (الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) وأتى به لغرض التوضيح والتبيين (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ) معترضين (ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً) ومثلا تمييز في معنى «بهذا المثل» ولماذا يأتي الله بهذا المثل ـ غير المناسب لجلال الله ـ ف (يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً) ويوجب انقسام الناس ، ومن المحتمل أن يكون «يضل ...» جوابا عن اعتراضهم ، أي أن المقصود من المثل الإضلال والهداية ، لكنه ينافي السياق ، فإن المقصود بالمثل ليس ذلك ، وإنما التوضيح والتقريب (وَما يُضِلُّ بِهِ) أي بالمثل