(قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (٦٩) قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ (٧٠) قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ) (٧١)
٦٩ ـ (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها) موضع ما رفع لأنّ معناه الاستفهام ، تقديره ادع لنا ربك يبين لنا أي شيء لونها ، (قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها) الفقوع أشد ما يكون من الصّفرة وأنصفه ، يقال في التوكيد أصفر فاقع ، وهو توكيد لصفراء وليس خبرا عن اللون إلّا أنّه ارتفع اللون به ارتفاع الفاعل ، ولا فرق بين قولك صفراء فاقعة وصفراء فاقع لونها ، وفي ذكر اللون فائدة التوكيد لأنّ اللون اسم للهيئة وهي الصّفرة ، فكأنّه قيل شديدة الصفرة صفرتها ، فهو من قولك جدّ جدّه (تَسُرُّ النَّاظِرِينَ) لحسنها ، والسرور لذة في القلب عند حصول نفع أو توقعه ، عن علي رضي الله عنه من لبس نعلا صفراء قلّ همّه لقوله تعالى : (تَسُرُّ النَّاظِرِينَ).
٧٠ ـ (قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ) تكرير للسؤال عن حالها وصفتها ، واستكشاف زائد ليزدادوا بيانا لوصفها ، وعن النبي عليهالسلام : (لو اعترضوا أدنى بقرة فذبحوها لكفتهم ولكن شدّدوا فشدّد الله عليهم) (١) والاستقصاء شؤم (إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا) إنّ البقر الموصوف بالتّعوين والصّفرة كثير فاشتبه علينا (وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ) إلى البقرة المراد ذبحها ، أو إلى ما خفي علينا من أمر القاتل ، وإن شاء الله اعتراض بين اسم إنّ وخبرها ، وفي الحديث : (لو لم يستثنوا لما بيّنت لهم آخر الأبد) (٢) أي لو لم يقولوا إن شاء الله.
٧١ ـ (قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ) لا ذلول صفة لبقرة بمعنى بقرة غير ذلول ، يعني لم تذلل للكراب (٣) وإثارة الأرض (وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ) ولا هي من النواضح التي يسنّى عليها لسقي الحروث ، ولا الأولى نافية والثانية مزيدة لتوكيد
__________________
(١) رواه ابن مردويه والبزار وابن أبي حاتم من طريق الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة مرفوعا والطبري من كلام ابن عباس موقوفا.
(٢) أخرجه الطبري من طريق ابن جريج مرفوعا وهو معضل.
(٣) الكراب : قلب الأرض للحرث.