وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨) وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) (٤٩)
(فَضَّلْتُكُمْ) نصب عطف على نعمتي ، أي اذكروا نعمتي وتفضيلي ، (عَلَى الْعالَمِينَ) على الجمّ الغفير من الناس ، يقال رأيت عالما من الناس والمراد الكثرة.
٤٨ ـ (وَاتَّقُوا يَوْماً) أي يوم القيامة وهو مفعول به لا ظرف ، (لا تَجْزِي نَفْسٌ) مؤمنة ، (عَنْ نَفْسٍ) كافرة (شَيْئاً) أي لا تقضي عنها شيئا من الحقوق التي لزمتها ، وشيئا مفعول به ، أو مصدر ، أي قليلا من الجزاء ، والجملة منصوبة المحلّ صفة ليوما (١) ، والعائد منها إلى الموصوف محذوف تقديره لا تجزى فيه (وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ) ولا تقبل بالتاء مكي وبصري ، والضمير في منها يرجع إلى النفس المؤمنة ، أي لا تقبل منها شفاعة للكافرة ، وقيل كانت اليهود تزعم أنّ آباءهم الأنبياء يشفعون لهم فأويسوا فهو كقوله (فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) (٢) وتشبث المعتزلة بالآية في نفي الشفاعة للعصاة مردود لأنّ المنفي شفاعة الكفار وقد قال عليهالسلام : (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي من كذّب بها لم ينلها) (٣) ، (وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ) أي فدية لأنّها معادلة للمفديّ ، (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) يعانون (٤) وجمع لدلالة النفس المنكرة على النفوس الكثيرة ، وذكّر لمعنى العباد أو الأناسي.
٤٩ ـ (وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) أصل آل أهل ولذلك يصغّر بأهيل فأبدلت هاؤه ألفا ، وخص استعماله بأولي الخطر كالملوك وأشباههم ، فلا يقال آل الإسكاف والحجام ، وفرعون علم لمن ملك العمالقة ، كقيصر لملك الروم وكسرى لملك الفرس ، (يَسُومُونَكُمْ) حال من آل فرعون أي يولونكم من سامه خسفا إذا أولاه ظلما ، وأصله من سام السلعة إذا طلبها ، كأنّها بمعنى يبغونكم (سُوءَ الْعَذابِ) ويريدونكم عليه ، ومساومة البيع مزايدة (٥) ، أو مطالبة ، وسوء مفعول ثان ليسومونكم وهو مصدر السيء (٦) ، يقال أعوذ بالله من سوء الخلق وسوء الفعل ، يراد قبحهما ، ومعنى سوء العذاب ، والعذاب كلّه سيء أشدّه وأفظعه ، (يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ) بيان لقوله
__________________
(١) في (ز) صفة يوما.
(٢) المدثر ، ٧٤ / ٤٨.
(٣) لم أجده.
(٤) في (ظ) و(ز) يعاونون.
(٥) في (ز) مزيدة.
(٦) في (ز) سيء.