(وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٠) وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ (٥١) ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٥٢)
يسومونكم ولذا ترك العاطف (وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ) يتركون بناتكم أحياء للخدمة ، وإنّما فعلوا بهم ذلك لأنّ الكهنة أنذروا فرعون بأنّه يولد مولود يزول ملكه بسببه ، كما أنذروا نمرود فلم يغن عنهما اجتهادهما في التحفظ وكان ما شاء الله (وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ) محنة إن أشير بذلكم إلى صنع فرعون ، ونعمة إن أشير به إلى الانجاء (١) ، (مِنْ رَبِّكُمْ) ، صفة لبلاء (عَظِيمٌ) صفة ثانية.
٥٠ ـ (وَإِذْ فَرَقْنا) فصلنا بين بعضه وبعض حتى صارت فيه مسالك لكم ، وقرئ فرّقنا أي فصّلنا ، يقال فرق بين الشيئين وفرّق بين الأشياء لأنّ المسالك كانت اثني عشر على عدد الأسباط ، (بِكُمُ الْبَحْرَ) كانوا يسلكونه ويتفرق الماء عند سلوكهم فكأنّما فرق بهم ، أو فرقنا (٢) بسببكم ، أو فرقناه ملتبسا بكم ، فيكون في موضع الحال ، روي أنّ بني إسرائيل قالوا لموسى عليهالسلام : أين أصحابنا فنحن لا نرضى حتى نراهم؟ فأوحى الله إليه أن قل بعصاك هكذا ، فقال بها على الحيطان فصارت فيها كوى فتراءوا وتسامعوا كلامهم (فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) إلى ذلك وتشاهدونه ولا تشكّون فيه ، وإنّما قال :
٥١ ـ (وَإِذْ واعَدْنا مُوسى) لأنّ الله تعالى وعده الوحي ووعده هو المجيء للميقات إلى الطور ، وعدنا حيث كان بصري ، لما دخل بنو إسرائيل مصر بعد هلاك فرعون ولم يكن لهم كتاب ينتهون إليه وعد الله تعالى موسى أن ينزّل عليه التوراة وضرب له ميقاتا ذا القعدة وعشر ذي الحجة ، وقال : (أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) لأنّ الشهور غررها بالليالي وأربعين مفعول ثان لواعدنا لا ظرف لأنّه ليس معناه واعدناه في أربعين ليلة (ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ) أي إلها فحذف المفعول الثاني لاتخذتم ، وبابه بالإظهار مكي وحفص (مِنْ بَعْدِهِ) من بعد ذهابه إلى الطور ، (وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ) أي بوضعكم العبادة غير موضعها ، والجملة حال أي عبدتموه ظالمين.
٥٢ ـ (ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ) محونا ذنوبكم عنكم ، (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) من بعد اتخاذكم العجل ، (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) لكي تشكروا النعمة في العفو عنكم.
__________________
(١) في (ز) الإنتجاء.
(٢) في (ظ) و(ز) فرقناه.