(وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخاشِعِينَ (٤٥) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ (٤٦) يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ) (٤٧)
الخيانة ، وترك البر ومخالفة القول العمل (أَفَلا تَعْقِلُونَ) (١) أفلا تفطنون لقبح ما أقدمتم عليه حتى يصدّكم استقباحه عن ارتكابه ، وهو توبيخ عظيم.
٤٥ ـ (وَاسْتَعِينُوا) على حوائجكم إلى الله (بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) أي بالجمع بينهما ، وأن تصلّوا صابرين على تكاليف الصلاة محتملين لمشاقها ، وما يجب فيها من إخلاص القلب ، ودفع الوساوس الشيطانية ، والهواجس النفسانية ، ومراعاة الآداب والخشوع ، واستحضار العلم بأنّه انتصاب بين يدي جبار السموات والأرض ، أو استعينوا على البلايا والنوائب بالصبر عليها ، والالتجاء إلى الصلاة عند وقوعها ، وكان رسول صلىاللهعليهوسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة (٢) ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنّه نعي إليه أخوه قثم وهو في سفر فاسترجع وصلى ركعتين ثم قال : واستعينوا بالصبر والصلاة (٣). وقيل الصبر الصوم لأنّه حبس عن المفطرات ، ومنه قيل لشهر رمضان شهر الصبر. وقيل الصلاة الدعاء أي استعينوا على البلايا بالصبر والالتجاء إلى الدعاء والابتهال إلى الله في دفعه ، (وَإِنَّها) الضمير للصلاة ، أو للاستعانة ، (لَكَبِيرَةٌ) لشاقة ثقيلة ، من قولك كبر عليّ هذا الأمر ، (إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ) لأنّهم يتوقعون ما ادّخر للصابرين على متاعبها فتهون عليهم ، ألا ترى إلى قوله :
٤٦ ـ (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) أي يتوقعون لقاء ثوابه ونيل ما عنده ويطمعون فيه. وفسر يظنون بيتيقنون لقراءة عبد الله بن مسعود (٤) يعلمون ، أي يعلمون أنّه لا بدّ من لقاء الجزاء فيعملون على حسب ذلك ، وأمّا من لم يوقن بالجزاء ولم يرج الثواب كانت عليه مشقة خالصة ، والخشوع الإخبات والتطامن ، وأما الخضوع فاللين والانقياد ، وفسر اللقاء بالرؤية ، وملاقو ربهم معاينوه بلا كيف ، (وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ) لا يملك أمرهم في الآخرة أحد سواه.
٤٧ ـ (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) التكرير للتأكيد (وَأَنِّي
__________________
(١) نزلت هذه الآية في يهود المدينة.
(٢) الطبري في تفسيره من حديث حذيفة بهذا اللفظ ، وحزبه : أصابه.
(٣) أخرجه سعيد بن منصور ، موقوف ، استرجع : أي قال (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ).
(٤) ليست في (ظ) و(ز).