(وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤٢) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣) أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) (٤٤)
القرآن ، (وَلا تَشْتَرُوا) ولا تستبدلوا ، (بِآياتِي) بتغييرها وتحريفها ، (ثَمَناً قَلِيلاً) قال الحسن : هو الدّنيا بحذافيرها ، وقيل هو الرياسة التي كانت لهم في قومهم خافوا عليها الفوات لو اتبعوا رسول الله ، (وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ) فخافوني فارهبوني ، فاتقوني بالياء في الحالين ، وكذلك كلّ ياء محذوفة في الخط ، يعقوب.
٤٢ ـ (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ) لبس الحق بالباطل خلطه. والباء إن كانت صلة مثلها في قولك لبست الشيء بالشيء خلطته به ، كان المعنى ولا تكتبوا في التوراة ما ليس منها فيختلط الحقّ المنزّل بالباطل الذي كتبتم حتى لا يميّز بين حقها وباطلكم. وإن كانت باء الاستعانة كالتي في قولك كتبت بالقلم ، كان المعنى ولا تجعلوا الحقّ ملتبسا مشتبها بباطلكم الذي تكتبونه ، (وَتَكْتُمُوا الْحَقَ) هو مجزوم داخل تحت حكم النهي بمعنى ولا تكتموا ، أو منصوب بإضمار أن ، والواو بمعنى الجمع ، أي ولا تجمعوا بين لبس الحقّ بالباطل وكتمان الحقّ كقولك لا تأكل السمك وتشرب اللبن. وهما أمران متميزان ، لأنّ لبس الحقّ بالباطل ما ذكرنا من كتبهم في التوراة ما ليس منها ، وكتمانهم الحقّ أن يقولوا لا نجد في التوراة صفة محمد أو حكم كذا (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) في حال علمكم أنّكم لابسون وكاتمون ، وهو أقبح لهم لأنّ الجهل بالقبيح ربما عذر مرتكبه.
٤٣ ـ (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) أي صلاة المسلمين وزكاتهم (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) منهم ، لأنّ اليهود لا ركوع في صلاتهم ، أي أسلموا واعملوا عمل أهل الإسلام. وجاز أن يراد بالركوع الصلاة كما يعبر عنها بالسجود ، وأن يكون أمرا بالصلاة مع المصلين يعني في الجماعة ، أي صلوها مع المصلين لا منفردين. والهمزة في :
٤٤ ـ (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ) للتقرير مع التوبيخ والتعجب من حالهم ، (بِالْبِرِّ) أي سعة الخير والمعروف ومنه البرّ لسعته ، ويتناول كلّ خير ومنه قولهم صدقت وبررت. وكان الأحبار يأمرون من نصحوه في السرّ من أقاربهم وغيرهم باتباع محمد عليهالسلام ولا يتبعونه. وقيل كانوا يأمرون بالصدقة ولا يتصدقون وإذا أتوا بالصدقات ليفرقوها خانوا فيها ، (وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ) وتتركونها من البر كالمنسيات ، (وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ) تبكيت ، أي تتلون التوراة وفيها نعت محمد عليهالسلام ، أو فيها الوعيد على