(وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٣٩) يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٤٠) وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ) (٤١)
٣٩ ـ (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ) مبتدأ والخبر (أَصْحابُ النَّارِ) أي أهلها ومستحقوها. والجملة في موضع الرفع خبر المبتدأ أعني والذين (هُمْ فِيها خالِدُونَ).
٤٠ ـ (يا بَنِي إِسْرائِيلَ) هو يعقوب عليهالسلام ، وهو لقب له ومعناه في لسانهم صفوة الله أو عبد الله. فإسرا هو العبد أو الصفوة ، وإيل هو الله بالعبرية ، وهو غير منصرف لوجود العلميّة والعجمة ، (اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ) ذكّرهم النعمة أن لا يخلّوا بشكرها ويطيعوا مانحها. وأراد بها ما أنعم به على آبائهم مما عدّد عليهم ، من الإنجاء من فرعون وعذابه ، ومن الغرق ، ومن العفو عن اتخاذ العجل والتوبة عليهم ، وما أنعم به عليهم من إدراك زمن محمد صلىاللهعليهوسلم المبشّر به في التورة والإنجيل ، (وَأَوْفُوا) أدّوا وافيا تاما ، يقال وفّيت له بالعهد فأنا واف به وأوفيت له بالعهد فأنا موف به ، والاختيار أوفيت ، وعليه نزل التنزيل ، (بِعَهْدِي) بما عاهدتموني عليه من الإيمان بي والطاعة لي ، أو من الإيمان بنبي الرحمة والكتاب المعجز ، (أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) بما عاهدتكم عليه من حسن الثواب على حسناتكم. والعهد يضاف إلى المعاهد والمعاهد جميعا. وعن قتادة هما لئن أقمتم ولأكفّرنّ. وقال أهل الإشارة : أوفوا في دار محنتي ، على بساط خدمتي ، بحفظ حرمتي ، أوف في دار نعمتي ، على بساط كرامتي ، بسرور رؤيتي ، (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) فلا تنقضوا عهدي ، وهو من قولك زيدا رهبته ، وهو أوكد في إفادة الاختصاص من إياك نعبد ، وإيّاي منصوب بفعل مضمر دلّ عليه ما بعده وتقدير فارهبوا إياي فارهبون ، وحذف الأول لأنّ الثاني يدلّ عليه ، وإنما لم ينتصب بقوله فارهبون لأنّه أخذ مفعوله وهو الياء المحذوفة ، وكسرة النون دليل الياء ، كما لا يجوز نصب زيد في زيدا فاضربه باضرب الذي هو ظاهر.
٤١ ـ (وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ) يعني القرآن (مُصَدِّقاً) حال مؤكدة من الهاء المحذوفة كأنّه قيل أنزلته مصدّقا (لِما مَعَكُمْ) من التوراة يعني في العبادة والتوحيد والنبوة وأمر محمد عليهالسلام (وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ) أي أول من كفر به ، أو أول حزب ، أو فوج كافر به ، أو ولا يكن كلّ واحد منكم أول كافر به. وهذا تعريض بأنّه كان يجب أن يكونوا أول من يؤمن به لمعرفتهم به وبصفته ، والضمير في به يعود إلى