(وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ) (١٤)
وهم ناس معهودون ، أو عبد الله بن سلام وأشياعه ، أي كما آمن أصحابكم وإخوانكم ، أو للجنس أي كما آمن الكاملون في الإنسانية ، أو جعل المؤمنون كأنّهم الناس على الحقيقة ومن عداهم كالبهائم ، والكاف في كما (١) في موضع النصب ، لأنه صفة مصدر محذوف ، أي إيمانا مثل إيمان الناس ، ومثله كما آمن السفهاء ، والاستفهام في أنؤمن للإنكار ، واللام في السفهاء مشار بها إلى الناس وإنّما سفّهوهم وهم العقلاء المراجيح لأنّهم لجهلهم اعتقدوا أنّ ما هم فيه هو الحقّ وأنّ ما عداه باطل ، ومن ركب متن الباطل كان سفيها ، والسّفه سخافة العقل وخفة (٢) الحلم (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ) أنهم هم السفهاء ، وإنّما ذكر هنا لا يعلمون وفيما تقدم لا يشعرون لأنّه قد ذكر السّفه ، وهو جهل ، فكان ذكر العلم معه أحسن طباقا له ، ولأنّ الإيمان يحتاج فيه إلى نظر واستدلال حتى يكتسب الناظر المعرفة ، أمّا الفساد في الأرض فأمر مبنيّ على العادات (٣) ، فهو كالمحسوس ، والسفهاء خبر إنّ ، وهم فصل مبتدأ (٤) ، والسفهاء خبرهم ، والجملة خبر إنّ.
١٤ ـ (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا) وقرأ أبو حنيفة رحمهالله (٥) وإذا لاقوا ، يقال لقيته ولاقيته إذا استقبلته ، قريبا منه الآية الأولى في بيان مذهب المنافقين والترجمة عن نفاقهم ، وهذه في بيان ما كانوا يعملون مع المؤمنين من الاستهزاء بهم ولقائهم بوجوه المصادقين وإيهامهم أنّهم معهم (وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ) خلوت بفلان وإليه إذا انفردت معه ، وبإلى (٦) أبلغ لأنّ فيه دلالة الابتداء والانتهاء (٧) ، ويجوز أن يكون من خلا بمعنى مضى ، وشياطينهم الذين ماثلوا الشياطين في تمردهم وهم اليهود ، وعن سيبويه أنّ نون الشياطين أصلية بدليل قولهم تشيطن ، وعنه أنّها زائدة واشتقاقه من شطن (٨) إذا بعد ، لبعده من الصّلاح والخير ، أو من شاط (٩) إذا بطل ومن أسمائه الباطل (قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ) إنّا مصاحبوكم وموافقوكم على دينكم ، وإنّما خاطبوا
__________________
(١) في (ظ) وكاف كما.
(٢) في (ظ) وقلة.
(٣) في (ظ) المعادات.
(٤) في (ز) أو مبتدأ.
(٥) ليست في (ظ).
(٦) في (ظ) وإلى.
(٧) زاد في (ظ) و(ز) أي إذا خلوا من المؤمنين إلى شياطينهم.
(٨ و ٩) في (ظ) شط.