(فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ (١٠) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ) (١١)
الشيء وحقيقته ، ثم قيل للقلب والروح النفس ، لأنّ النفس بهما ، وللدم نفس ، لأنّ قوامها بالدّم ، وللماء نفس لفرط حاجتها إليه ، والمراد بالأنفس ههنا ذواتهم ، والمعنى بمخادعتهم ذواتهم أنّ الخداع لاصق بهم لا يعدوهم (١) إلى غيرهم (وَما يَشْعُرُونَ) أنّ حاصل خداعهم يرجع إليهم ، والشعور علم الشيء ، علم حس من الشّعار ، وهو ثوب يلي الجسد ، ومشاعر الإنسان حواسه لأنّها آلات الشعور ، والمعنى أنّ الحوق ضرر ذلك بهم كالمحسوس وهم لتمادي غفلتهم كالذي لا حسّ له.
١٠ ـ (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أي شك ونفاق ، لأنّ الشكّ تردد بين الأمرين والمنافق متردد. في الحديث : (مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين) (٢) والمريض متردد بين الحياة والموت ، ولأنّ المرض ضدّ الصحة ، والفساد يقابل الصحة ، فصار المرض اسما لكلّ فساد ، والشك والنفاق فساد في القلب : (فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضاً) أي ضعفا عن الانتصار ، وعجزا عن الاقتدار ، وقيل المراد به خلق النفاق في حالة البقاء بخلق أمثاله ، كما عرف في زيادة الإيمان : (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) فعيل بمعنى مفعل أي مؤلم (بِما كانُوا يَكْذِبُونَ) كوفي. أي بكذبهم في قولهم : آمنا بالله وباليوم الآخر ، فما مع الفعل بمعنى المصدر ، والكذب : الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو عليه (٣) ، يكذبون غيرهم أي بتكذيبهم النبي صلىاللهعليهوسلم (٤) فيما جاء به ، وقيل هو مبالغة في كذب كما بولغ في صدق فقيل صدّق ، ونظيرهما بان الشيء وبيّن.
١١ ـ (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ) معطوف على يقول آمنّا (٥) ، لأنّك لو قلت ومن النّاس من إذا قيل لهم : (لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) لكان صحيحا ، والفساد خروج الشيء عن حال استقامته وكونه منتفعا به ، وضدّه الصلاح وهو الحصول على الحال المستقيمة النافعة ، والفساد في الأرض هيّج الحروب والفتن ، لأنّ في ذلك فساد ما في الأرض ، وانتفاء الاستقامة عن أحوال النّاس والزروع والمنافع الدينية والدنيوية ، وكان فساد
__________________
(١) في (أ) لا يعدّهم.
(٢) رواه مسلم من رواية موسى بن عقبة ، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(٣) في (ظ) و(ز) به.
(٤) لم ترد في (ظ) ، وفي (ز) عليهالسلام.
(٥) في (ز) معطوف على يكذبون ، ويجوز أن يعطف على يقول آمنا.