حذفت همزته تخفيفا ، وحذفها مع لام التعريف كاللازم (١) لا يكاد يقال الأناس ، ويشهد لأصله إنسان وأناس (٢) وأناسي وإنس ، وسمّوا بذلك (٣) لظهورهم ، وأنّهم يؤنسون أي يبصرون ، كما سمّى الجنّ لاجتنانهم ، ووزن ناس فعال لأن الزّنة على الأصول ، فإنّك تقول وزن ق (٤) افعل وليس معك إلا العين.
وهو من أسماء الجمع ، ولام التعريف فيه للجنس ، ومن موصوفة ، ويقول صفة لها كأنّه قيل ومن النّاس ناس يقولون كذا ، وإنما خصّوا الإيمان بالله وباليوم الآخر ، وهو الوقت الذي لا حدّ له ، وهو الأبد الدائم الذي (٥) لا ينقطع (٦) لتأخره عن الأوقات المنقضية أو الوقت المعهود من النشور إلى أن يدخل أهل الجنّة الجنّة ، وأهل النّار النّار ، لأنّهم أوهموا في هذا المقام (٧) أنّهم أحاطوا بجانبي الإيمان أوله وآخره ، وهذا لأنّ حاصل المسائل (٨) الاعتقادية يرجع إلى مسائل المبدأ ، وهي العلم بالصّانع وصفاته وأسمائه ، ومسائل المعاد ، وهي العلم بالنشور والبعث من القبور والصّراط والميزان وسائر أحوال الآخرة. وفي تكرير الباء إشارة إلى أنّهم ادّعوا كلّ واحد من الإيمانين على صفة الصّحّة والاستحكام ، وإنما طابق قوله : (وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) وهو في ذكر شأن الفاعل لا الفعل ، قولهم : آمنا بالله وباليوم الآخر ، وهو في ذكر شأن الفعل لا الفاعل ، لأنّ المراد إنكار ما ادّعوه ونفيه على أبلغ وجه وآكده ، وهو إخراج ذواتهم من أن تكون طائفة من المؤمنين. ونحوه قوله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها) (٩) ، فهو أبلغ من قولك وما يخرجون منها ، وأطلق الإيمان في الثاني بعد تقييده في الأول ، لأنّه يحتمل أن يراد التقييد ويترك لدلالة المذكور عليه ، ويحتمل أن يراد نفي أصل الإيمان وفي ضمنه نفي المذكور أولا ، والآية تنفي قول الكرّاميّة : إنّ الإيمان هو الإقرار باللسان لا غير ، لأنّه نفى عنهم اسم الإيمان مع وجود الإقرار منهم. وتؤيد قول أهل السنّة إنّه إقرار باللسان وتصديق بالجنان ، ودخلت الباء في خبر ما مؤكدة للنفي لأنّه يستدلّ بها (١٠) السامع على الجحد إذا غفل عن أول الكلام. ومن موحد اللفظ فلذا قيل يقول ، وجمع وما هم بمؤمنين نظرا إلى معناه.
__________________
(١) في (ظ) وحذفها للام التعريف كاللازم ، وفي (ز) وحذفها كاللازم مع لام التعريف.
(٢) سقطت من (ز).
(٣) سقطت من (ظ) ، وفي (ز) به.
(٤) في (ظ) فإنه تقول قي وزنته افعل ، وفي (ز) فإنك تقول وزن قه افعل.
(٥) سقطت من (ظ).
(٦) زاد في (ز) وإنما سمي بالآخر.
(٧) في (ظ) و(ز) المقال.
(٨) في (ظ) لأن المسائل حاصل الاعتقادية.
(٩) المائدة ، ٥ / ٣٧.
(١٠) في (ز) به.