(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٨) يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (١٨٩)
يحلّ في ليالي رمضان لكن لغير المعتكف ، والجملة في موضع الحال ، وفيه دليل على أنّ الاعتكاف لا يكون إلّا في المسجد وأنّه لا يختص به مسجد دون مسجد (تِلْكَ) الأحكام التي ذكرت (حُدُودُ اللهِ) أحكامه المحدودة (فَلا تَقْرَبُوها) بالمخالفة والتغيير (كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آياتِهِ) شرائعه (لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) المحارم.
١٨٨ ـ (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ) أي لا يأكل بعضكم مال بعض (بِالْباطِلِ) بالوجه الذي لم يبحه الله ولم يشرعه (وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ) ولا تدلوا بها فهو مجزوم داخل في حكم النهي ، يعني ولا تلقوا أمرها والحكومة فيها إلى الحكام (لِتَأْكُلُوا) بالتحاكم (فَرِيقاً) طائفة (مِنْ أَمْوالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ) بشهادة الزور ، أو باليمين (١) الكاذبة ، أو بالصلح مع العلم بأنّ المقضيّ له ظالم ، وقال عليهالسلام للخصمين : (إنّما أنا بشر وأنتم تختصمون إلي ، ولعلّ بعضكم ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له بشيء من حقّ أخيه فلا يأخذنّ منه شيئا فإنّ ما أقضي له قطعة من نار) فبكيا وقال كل واحد منهما حقي لصاحبي (٢). وقيل وتدلوا بها وتلقوا بعضها إلى حكام السوء على وجه الرّشوة ، يقال أدلى دلوه أي ألقاه في البئر للاستقاء (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أنّكم على الباطل ، وارتكاب المعصية مع العلم بقبحها أقبح ، وصاحبه بالتوبيخ أحقّ.
قال معاذ بن جبل (٣) : يا رسول الله ما بال الهلال يبدو دقيقا مثل الخيط ثم يزيد حتى يمتلئ ويستوي ، ثم لا يزال ينقص حتى يعود كما بدا لا يكون على حالة واحدة كالشمس؟ فنزل (٤) :
١٨٩ ـ (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ) جمع هلال سمّي به لرفع الناس أصواتهم عند
__________________
(١) في (ز) بالأيمان.
(٢) أخرجه أبو داود والدارقطني والحاكم وأحمد وإسحاق وابن أبي شيبة وأبو يعلى وكلهم عن أم سلمة.
(٣) معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي ، أبو عبد الرحمن ، صحابي كان أعلم الأمة بالحلال والحرام ، ولد عام ٢٠ ق. ه وتوفي عام ١٨ ه (الأعلام ٧ / ٢٥٨).
(٤) أخرجه أبو نعيم ، وابن عساكر في تاريخ دمشق من طريق السدي الصغير عن أبي صالح عن ابن عباس.