قال ابن دأب : فهل فكّر الخلق إلى ما هم عليه من الوجود بصفته إلى ما قال غيره.
ثمّ حاجة الناس إليه وغناه عنهم ، إنّه لم ينزل بالناس ظلماء عمياء كان لهاموضعاً غيره مثل مجيئ اليهود يسألونه ويتعنّتونه ، ويخبر بما في التوراة ومايجدون عندهم ، فكم من يهوديّ قد أسلم وكان سبب إسلامه هو؟!
وأمّا غناه عن الناس : فإنّه لم يوجد على باب أحد قطّ يسأله عن كلمة ولايستفيد منه حرفاً.
ثمّ الدّفع عن المظلوم وإغاثة الملهوف.
قال : ذكر الكوفيّون أنَّ سعيد بن قيس الهمداني رآه يوماً ـ في شدّة الحرّ ـ في فناء حائط ، فقال : يا أمير المؤمنين ، بهذا الساعة؟!
قال : «ما خرجت إلاّ لاُعين مظلوماً ، أو أُغيث ملهوفاً»(١).
فبينا هو كذلك إذ أتته امرأة قد خلع قلبُها ، لا تدري أين تأخذ من الدُّنياحتّى وقفت عليه ، فقالت : يا أمير المؤمنين ، ظلمني زوجي وتعدّى عليّ وحلف ليضربني ، فاذهب معي إليه ، فطأطأ رأسه ، ثمَّ رفعه وهو يقول : «لاوالله حتّى يؤخذ للمظلوم حقّه غير متعتع(٢) ، وأين منزلك؟».
قالت : في موضع كذا وكذا ، فانطلق معها حتّى انتهت إلى منزلها ، فقالت : هذا منزلي.
__________________
المفيد : ٣٣٠ ، أمالي الطوسي : ١١١ / ١٧٠ ، عيون الحكم المواعظ : ٥٥١ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٧ / ٨٠.
(١) نهج البلاغة ٣ / ١١٤.
(٢) تعتعه : حركة بعنف وقلقلة ، وفي الكلام : تردّد فيه. لسان العرب ٨ / ٤٠ (عتت).