قال : فقيل لهم : فما الزّهد في الدُّنيا؟
قالوا : لبس الكرابيس ، وقطع ما جاوز أنامله ، وقصّر طول كمّه ، وضيّق أسفله ، كان طول الكمّ ثلاثة أشبار ، (وأسفله إثني عشر شبراً ، وطول البدن ستّة أشبار)(١)(٢).
قال : قلنا : فما ترك الأمل؟
قالوا : قيل له : هذا قد قطعت ما خلف أناملك ، فما لك لا تلفُّ كمّك؟
قال : الأمر أسرع من ذلك ، فاجتمعت إليه بنو هاشم قاطبةً وسألوه وطلبواإليه لما وهب لهم لباسه ولبس لباس النّاس؟ وانتقل عمّا هو عليه من ذلك ، فكان جوابه لهم البكاء والشهيق(٣) ، وقال ـ بأبي وأُمّي ـ : «من لم يشبع من خبز البرّ حتّى لقى الله» ، وقال لهم : «هذا لباس هدىً ، يقنع به الفقير ، ويستربه المؤمن»(٤).
قال : فما الحياء؟
قالوا : لم يهجم على أحد قطّ أراد قتله فأبدا عورته ، إلاّ انكفأ عنه حياءً منه(٥).
__________________
(١) ما بين القوسين لم يرد في «س».
(٢) دعائم الإسلام ٢ / ١٥٧ ، الكافي ٦ / ٤٥٧ح / ٩ ، مكارم الأخلاق ١ / ٢٤٥ ح / ٧٢٧.
(٣) الشهيق : تردّد البكاء في الصدر. لسان العرب ٤ / ٥٣١ (شهق).
(٤) الكافي ٨ / ١٢٩ / ح١٠٠ ، أمالي الطوسي : ٦٩٢ / ح١٤٧٠ ، الثاقب في المناقب : ٣٣٥ / ح٢٧٨ ، حلية الأبرار ١ / ٢١٩.
(٥) مناقب ابن شهرآشوب ٢ / ٣٦٠ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ / ١٤٨ و ٨ / ٦٠ ، المسترشد للطبري : ٣٩١ ، المناقب للخوارزمي : ٢٣٦ ، الفتوح لابن أعثم الكوفي٢ / ٤٢٧ ، وقعة صفّين : ٤٠٧.