فقال : «الإضطراب في
معنى «التوفّي» وما استعمل في لفظه المتكرّر في القرآن الكريم ، فاللغويّون جعلوا
«الإماتة» في معنى «التوفّي».
والكثير من المفسّرين في تفسير قوله تعالى في سورة آل عمران : (يَا
عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ)
قالوا : أي مميتك
، وقال بعض : مميتك حتفَ أنفك
، وقال بعض : مميتك في وقتك بعد النـزول من السماء.
وكأنّهم لم يمعنوا الإلتفات إلى مادّة
(التوفّي) واشتقاقه ، ومحاورات القرآن الكريم ، والقدر الجامع بينها ، وإلى
استقامة التفسير لهذه الآية الكريمة ، واعتقاد المسلمين بأنّ عيسى لم يمت ولم يقتل
قبل الرفع إلى السماء كما صرّح به القرآن ، وإلى أنّ القرآن يذكر فيما مضى قبل
نزوله أنّ المسيح قال لله : (فَلَمَّا
تَوَفَّيْتَنِي).
ومن كلّ ذلك لم يفطنوا أنّ معنى
(التوفّي) والقدر الجامع المستقيم في محاورة القرآن فيه وفي مشتقّاته إنّما هو
الأخذ والإستيفاء ، وهو يتحقّق بالإماتة وبالنوم وبالأخذ من الأرض وعالم البشر إلى
عالم السماء.
وإنّ محاورة القرآن الكريم بنفسها كافية
في بيان ذلك ، كما في قوله تعالى في سورة الزمر : (الله يَتَوَفَّى
الأنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ
الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأخْرَى إِلَى أَجَل
__________________