الشيعة ، لأنّ الهجوم على الشيعة في بغداد أو مناطق أُخرى قد كان سائداً قبل الشيخ المفيد أيضاً بأمرّ وأدهى ممّا كان عليه في زمنه(١) واستمرّ من بعده أيضاً ، فإذا كان الشيخ منشأ لهذه الاضطرابات إذن لابدّ لها أن تهدأ من بعده والحال أنّها لم تهدأ بعده.
و ـ الفرق بين كتابة التاريخ من قبل الشيخ المفيد رحمهالله وكتابته من قبل غيره من المؤلّفين :
إذا ألقينا نظرةً سريعة وشاملة على كتابة التاريخ من قبل الشيخ المفيد وكتابته من قبل غيره وقارنّا الفرق بينهما فسنرى أنّ الفرق في كتابات الشيخ المفيد مع غيره إنّما هو نابع من اهتمام الشيخ ودقّته في مسألة الإمامة والأبحاث المرتبطة بها.
وعلى سبيل المثال فأنّنا نرى فرقاً كبيراً بين كتاب الإرشاد الذي ألّف في شأن الأئمّة المعصومين عليهمالسلام وبين غيره من الكتب التي ألّفت في هذا المجال.
فإنّنا نرى الشيخ في كتاب الإرشاد ـ خلافاً لبعض المؤرّخين الذين تناولوا عهد الإمام عليّ عليهالسلام وسائر الأئمّة عليهمالسلام وعرضوا أخبارهم التاريخيّة بصورة عابرة ـ سعى إلى استعراض الأُمور الدقيقة والمنعطفات التاريخية الهامّة في حياة الأئمّة عليهمالسلام التي تعكس لنا امتيازاتهم ومرموقيّتهم في
__________________
(١) إنّ منع الشيعة من إقامة شعائر مذهبهم والاشتباكات التي دارت بين الشيعة والسنّة قبل الشيخ المفيد أمرٌ تطرّق إليه الكثير من المؤرّخين وإنَّ إقامة مراسم العزاء لسيّد الشهداء عليهالسلاممن سنة ٣٥٢ هـ بشكل علني لخير شاهد على هذا الكلام ، انظر : مرآة الجنان ٢ / ٢٦١.