الموضوع بصورة مستقلّة في أيّ من آثاره سوى ما تطرّق إليه في طيِّ الأبحاث المرتبطة بحياة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فقد أورد فيها قسماً مهمّاً من غزوات رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ولكن هذه الطريقة من التدوين لا تمتُّ بصلة إلى مدرسة المدينة المعروفة باختصاصها بما ذكر(١).
وإذا أردنا أن نقارن مدرسة الشيخ المفيد في تدوين التاريخ مع مدرسة العراق نراها لا تنسجم مع ما عرفت به هذه المدرسة ، ولكن لا يخفى وجود بعض الخصائص المشتركة بين المدرستين نستطيع من خلالها أن نعدّ مدرسة الشيخ المفيد فرعاً من هذه المدرسة ، وليس ذلك لوجود الشيخ المفيد في العراق ، بل لأنّ المنهجيّة التي اتخذها في التدوين جاءت مطابقةً لمنهجيّة التدوين في مدرسة العراق في أكثر ما عرفت به هذه المدرسة وما امتازت به من خصائص في تدوين التاريخ ، وذلك لأنّ المنهج الأساسي لهذه المدرسة كان يدور حول محاور ، منها التعاطف مع الثورات والانتفاضات التي قامت ضدّ الأمويّين ، ومنها الترديد في أحقّيّة وأصلحيّة قريش ، ومنها الاستفادة من الأسناد والوثائق الرسمية في تدوين التاريخ و... ، ومؤلّفات الشيخ المفيد أقرب إلى هذه المواضيع(٢).
ولعلّ من الأفضل أن لا نقارن بين مدرسة الشيخ المفيد وبين سائر المدارس الأُخرى التي قامت بتدوين التاريخ ، بل علينا أن نبحث في أسس النظرية التي تبنّاها الشيخ المفيد في تدوين التاريخ ، ذلك لأنّ أكثر مؤلّفاته التاريخيّة تعكس لنا وجهة نظره وآراءه المبتنية على اُسس دينية عميقة ومن
__________________
(١) (تاريخ نگاري در اسلام) : ٥٤.
(٢) (تاريخ نگاري در اسلام) : ٥٤.