هذا الكتاب ـ يعني إثبات إمامة الأئمّة عليهمالسلام والدفاع عن إمامتهم ـ هو بحث كلامي أيضاً.
وكذلك إنّ بعض رسائله الفقهيّة لا تخلو من المباحث الكلامية ، وذلك مثل رسائله الفقهية في (المتعة) ووجوب (المسح على الرجلين) والتي ألّفها للدفاع عن الآراء الخاصّة بالشيعة الإمامية في قبال آراء المذاهب الأُخرى ، ومن هذا التحقيق المختصر نستطيع أن نستنتج أنّ أكثر تأليفات الشيخ المفيد لها صبغة كلامية ، ومن ثمّ يأتي الجانب الفقهي في المرحلة الثانية في الأهميّة في مؤلّفاته(١).
الآثار التاريخية للشيخ المفيد رحمهالله :
بعد هذه التوضيحات التي بيّنّاها في آثار الشيخ المفيد فإنّ أكثر ما يهمّنا في هذه المقدّمة هو البحث في كتاباته ومؤلّفاته التاريخية من بين آثاره المختلفة حيث تعدّ مؤلّفاته التاريخية والكلامية واحدة من تلك الآثار.
ولابدّ من الإشارة هنا إلى أنّ الشيخ المفيد كلّما خاض تحقيقاً في موضوع من مواضيع التاريخ الإسلامي ـ كسائر المواضيع الأُخر ـ نزل إلى عرصات ذلك البحث بأُسلوب متميّز باذلا قصارى جهده في توضيح مختلف زوايا ذلك الموضوع ، لكن ليس من الصحيح أن نعدّ الشيخ المفيد مؤرّخاً ، لأنّه كان فقيهاً ومتكلّماً قبل أن يكون مؤرّخاً. وبعبارة أُخرى فإنّ أفكاره الكلامية والعقائدية هي المهيمنة على آثاره وكانت تلقي بظلالها
__________________
(١) لقد أخذنا بعض مواضيع هذا الفصل من الرسائل المحقّقة للأستاذ السيّد محمّد جواد الشبيري التي طبعت تحت عنوان (آثار الشيخ المفيد) من المقالات الفارسية للمؤتمر العالمي للشيخ المفيد ، رقم ٥٥.