الأفهام ؛ لأنّ كمال الإلوهية أعلى من أن يَنالَ بيان العقول والأوهام(١) ، وجمال الربوبيّة أقصى من أن يُسألَ(٢) لسان القبول(٣) للأفهام ، بل كلّ مقام في هذا المرام فوقه مقام ، وكلّ مرام في هذا المقام فوقه مرام ، فمن حاول الارتقاء من هذا المقام إلى مقام أعلى من هذا المرام ، وناول الارتفاع من هذا المرام إلى مرام أقصى من هذا المقام ، فُرِضَ عليه عقلاً ، وعُرِضَ إليه نقلاً أن يَفرضَ على عقله عَرْضُ غرض الخالق من خلقه إلى خلقته ، ويعرض إلى فضله فرضَ قُرض الفاطر من فَطْرةِ على فطرته ، حتّى يلزمه أن يُسقط(٤) هواه في التباس لباس السوداء من التعيين والتكبرة ، ويخيط قباه في اقتباس أساس البيضاء من اليقين والتدبّر ، فيصفّي(٥) مرآة البال لانعكاس جمال الكمال بصيقل(٦) التعقّل والتفكّر على بيان الخشوع ، ويُوَفّيِ مصفاةَ الحال ؛ لاقتباس كمال الجمال من مشعل التّوكّل والتذكّر على لسان الخضوع ، ويسمّن باطنه بنعمة الرياضات الشرعيّة ، والرياضات الهندسيّة ، ويزيّن خاطره بزينة المقدّمات المنطقيّة ، والقياسات الطبيعيّة ، ويقطع نفسه عن العوائق الدّنيويّة ، ويضع عَينَيهُ(٧) من العلائق الدينيّة حتّى يضعف هواه في إمساك الرذائل الفانية ، ويقوّي قواه في إدراك الفضائل
__________________
(١) في «ث» : الاوهاب.
(٢) مسائل : جمع مسيل ، أي : سالَ الماءُ والشيءُ سَيْلاً وسَيَاناً من السيلان. ومَسيلُ : جمعه أَمْسلِة : وهي مياه الأمطار إذا سالت. اُنظر : لسان العرب ١١ / ٣٥٠ ـ ٣٥١ مادّة «سيل». تهذيب اللغة ١٣ / ٧١ ـ ٧٢ مادّة «سال».
(٣) في «م» : الأُصول.
(٤) في «م» : يُسقط أثبتاه لباس السّوداء.
(٥) في «ث» فيقضي.
(٦) في «ث» : يصقل.
(٧) في «م» : ذاته.