عين فضله ، ويرى حال أدناه ويعرف كمال أعلاه ، ليمكنه(١) أن يعقل مقام غيره ، ويسمع كلام خيره ؛ حتّى يفهم(٢) طريقة خيره بعين غيره(٣) ، ويعلم حقيقة غيره بعين خيره ، فيرى صباح جمال خلقه وفالقه ، ويعرف مصباح كمال خلقه وخالقه ، بقدر قدرة الإمكان ، وصدر(٤) قوّة الإيقان ، فإنّ معرفة ذاته المقدّسة وصفاته المنزّهة ـ التي هي أعظم أصلاً من أُصول الدين ، وأحكم فضلاً من فصول اليقين على قدر ما بيّن في ذلك الكتاب ، وصدر ما عيّن في تلك الآداب ـ كفاية لقبول اللّباب ، وهداية لعقول أولي الألباب ؛ عسى أن يكون ما فيه من اللّباب مفتاحاً لكلّ باب من دقائق الأبواب ، ومصباحاً لكلّ لباب من حقائق الآداب ؛ لعلّه(٥) بنيان تبيان لحسم معضلات(٦) الشبه القويّة ، وبنان بيان لحلّ مشكلات المسائل السَّنيّة.
فإنّ حقيقة معرفة كمال ذاته المقدّسة غير مملوكه لحدّ قدرة أقلام الأوهام(٧) ، وطريقة معرفة جمال صفاته المنزّهة غير مسلوكة بجدّ قوّة إقدام
__________________
(١) في «م» : ليمن له أن يرى مقام غيره.
(٢) في «م» : يعرف.
(٣) في «ث» : خيره بعين خيره.
(٤) في «ث» : وضدّ لرقوة الاتقان.
(٥) في «ث» : لأنّه.
(٦) الحَسْمُ : حَسمَهَ الشيء يحسمهُ حَسْماً : منعه إيّاه ، أي بمعنى المنع. والمَحسُوُ : الذي حُسِمَ رَضاعُه وغذاؤه ، أَي قَطع. اُنظر : لسان العرب ١٢ / ١٣٤ مادّة «حسم».
والمُعضلات : جمع المعضّل ، وهو المشكل ومشكلات ، وفي حديث عمر : أَعوذ بالله من كلّ معضلة ليس لها أبو حسن عليهالسلام ، وفي حديثه معاوية وقد جاءته مسألة مشكلة فقال : معضلة ولا أَبا حسن أي : لا رجل لها كأبي الحسن عليهالسلام ، ويأتي بمعنى حلّ الشدائد. لسان العرب ١١ / ٤٥٢ ـ ٤٥٣ مادّة «عضل».
(٧) في «ث» : الأوهاب.