الله ، مرفوع في حجاب مطويّ من خلق الله ، مختوم بخاتم الله سابق في علم الله ، وضع الله العبادَ من علمه ، ورفع فوق شهاداتهم ؛ لأنَّهم لا ينالونَه بحقيقته الرَّبانيّة ولا بقدرته الصمدانيّة ، ولا بعظمته النورانيّة ، ولا بعزّته الوحدانية ؛ لأنّه بحر موّاج خالص لله تعالى ، عمقه ما بين السماء والأَرض ، وعرضه بين المشرق والمغرب ، أَسود كالليل الدَّامس ، كثير الحيّات والحيتان ، يعلو مرّة ويسفل أُخرى ، في قعره شمس مضي ، ولا ينبغي أَن يَطّلع عليها إلاّ الواحد الفرد ، فمن يطّلع عليها فقد ضادَّ الله عزَّ وجَلَّ في ملكه ، ونازعه في سلطانه ، وكشف عن سِرِّهِ وستره ، وباء بغضب من الله ومأواه جهنّم وبئس المصير»(١).
وقال عليهالسلام : لرجل قد سأله عن القدر : «بحر عميق فلا تلجه» ، ثمّ سأله ثانية ، فقال : «طريق مظلم فلا تسلكه» ، ثمّ سأله ثالثة ، فقال : «سرُّ الله فلا تتكفّله»(٢).
__________________
وجاء في مقدّمة كتاب مصائب النواصب ١ / ٢٦ للشهيد القاضي السيّد نور الله ابن شرف الدين التستري سمعوا ذات يوم من القاضي الشهيد كلمة : عليه الصلاة والسلام في حقّ مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام ، فاستنكره الحاضرون [ذوي العقول المتحجّرة] ونسبوه إلى الابتداع ؛ زعماً منهم أنّ الصلاة والسّلام مختصّتان بالنبيّ ، فأفتوا بإباحة دمه ، وكتبوا في ذلك كتاباً وأمضاه كلّهم إلاّ أحد مشايخهم ، حيث خالف وكتب هذا البيت إلى السلطان :
گر لحمك لحمي بحديث نبوي هي |
|
بي صلّ على نام عليّ بي أدبي هي |
فانصرف السلطان لأجل ذلك من قتله ، وزاد حبّه في قلبه.
(١) اُنظر : التوحيد للصدوق : ٣٨٣ ح ٣٢.
(٢) جاء في كنز العمّال للهندي ١ / ٣٤٦ ح ١٥٦١ : الإمام علي عليهالسلام لما سأله رجل عن القدر قال : «طريق مظلم لا تسلكه» ، قال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر؟ قال : «بحر عميق لا تلجه» ، قال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني عن القدر؟ قال : «سرُّ الله قد خفي عليك فلا تُفشه ...» ، الخبر.