والنبيّ بالمعنى الأوّل نادر ، وله مرتبة واحدة ، وهو من كانت نفسه في غاية الكمالات(١) العلميّة ، وتشابهت بالنفوس والعقول الكلّيّة ، ويسمّى بأُوْلي العَزْمِ(٢) ، فله حالة يطّلع(٣) بها على الغيب ، أعني : الآثار الرّوحانيّة باستماع كلام منظوم بواسطة شخص مثالي من العقول المتمثّلة بالصور البشرية(٤) ، بحيث تُشْرَف له من الاستماع صورٌ عقليّةٌ وتُرتَسِمْ في الخيال ، وتنعكس في اللوح(٥) فتسمّى(٦) تلك الحالة(٧) : نَبوّةً ، والاطّلاع وحياً في اليقظة ، وحكماً في النوم ، والمنظوم كلام الله والكتب السماويّة ، والشخصُ مَلَكاً ، وقد يكون الارتسام في أحسن الحالات باستماع كلام بلا واسطة شخص مثاليّ ، ويسمّى ذلك الكلام : بالحديث القدسي(٨) ، ولي مع الله
__________________
(١) في «ث» : الكمال ، وما أثبتناه من «م» و «ك».
(٢) ومنه قولُه تعالى : (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) سورة الأحقاف ٤٦ / ٣٥ ، وهم خمسة : نُوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، ومحمّد (صلى الله عليه وآله) ، فإن كُلاًّ منهم أتى بعَزْم وشريعة ناسخة لشريعة من تَقدَّمه. اُنظر : مجمع البحرين ٢ / ١٢١ مادة «عزم».
(٣) في «ث» : تطلّع.
(٤) تمثل جبرئيل عليهالسلام بصورة دحية بن خليفة الكلبي للنبي (صلى الله عليه وآله) في عدّة موارد. اُنظر : بحار الأنوار ١٨ / ٢٦٧ ، و ٢٠ / ٢٣٣ ؛ و ٢٢ / ٣٣٢ ، وعنه سفينة البحار للقمّي ٣ / ٢٧.
وقال (صلى الله عليه وآله) لأصحابه : «اذا رأيتم دحية الكلبي عندي فلا يدخلنّ عليّ أحد» ، بحار الأنوار ٣٧ / ٣٢٦.
(٥) في «م» : في اللوح الحسن المشترك.
(٦) في «ث» : فيسمى.
(٧) في «م» و «ث» لم ترد.
(٨) الحديث إمّا نبويٌّ ، وإمّا إلهيٌّ ، ويسمّى حديثاً قدسيّاً أيضاً.
فالحديث القدسيّ : هو الذي يرويه النبي (صلى الله عليه وآله) عن ربّه عزّ وجلّ.