ومن المعلوم أنّ تأثير المعدوم عند العقل غير معلوم ، وكيف لا يجوز العفو مع حسنه من الحكيم ، وقبح خلف الوعد عن الكريم(١) ، قال الله عزّ وجلّ : (إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) (٢) ، (إِنَّ الله يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) (٣) ، (إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَن يَشَاءُ) (٤) ، (وَيَعْفُوا عَن كَثِير) (٥) ، (وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئَاتِ) (٦) ، وغير ذلك من الآيّات(٧) ، ولا تحمل تلك الآيات على التوبة من السيّئات ؛ لأنّ التوبة واجبة لقوله تعالى : (تُوبُوا إِلَى الله تَوْبَةً نَصُوحاً) (٨) ، ووجب قبولها لقوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ) (٩) ، «فالتائب من الذنب
__________________
(١) في «م» : ... لا يجوز العفو مع حسنه من الكريم وقبح خلف الوعد عن الحكيم ، وفي «ث» : لا يجوز العفو مع حسنه من الحكيم العليم وقبح الوعد من الكريم.
(٢) سورة الكهف ١٨ / ٣٠.
(٣) سورة الزمر ٣٩ / ٥٣.
(٤) في سورة النساء ٤ / ٤٨ : (إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِالله فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً) ، وأيضاً في سورة النساء ٤ / ١١٦ : (إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِالله فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً).
(٥) سورة المائدة ٥ / ١٥ ، وسورة الشورى ٤٢ / ٣٠.
(٦) سورة الشورى ٤٢ / ٢٥.
(٧) مثل سورة غافر ٤٠ / ٣ : (غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ) ، وقوله تعالى : (فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ الله) سورة آل عمران ٣ / ١٣٥ ، وقوله تعالى : (قُلْ إِن كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) ، سورة آل عمران ٣ / ٣١ ، وقوله تعالى في سورة إبراهيم ١٤ / ١٠ ، وسورة الأحزاب ٣٣ / ٧١ ، وسورة الأحقاف ٤٦ / ٣١ ، وسورة الصف ٦١ / ١٢ ، وسورة نوح ٧١ / ٤ ، وغيرها الكثير.
(٨) سورة التحريم ٦٦ / ٨.
(٩) سورة التوبة ٩ / ١٠٤.