(لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا) معها ضعفا عن حمله وكسبه ، والجملة المنفية صفة ل (دَابَّةٍ) ، وخبر المبتدأ (اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ) أي لا يرزق تلك الدواب إلا الله ولا يرزقكم أيضا أيها المطيقون لحمل أرزاقكم وكسبها إلا هو إن هاحرتم إلى المدينة (وَهُوَ السَّمِيعُ) لقولكم نخشى الفقر الضيعة (الْعَلِيمُ) [٦٠] بما في صدوركم.
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٦١))
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) أي أهل مكة (مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) أي اعترفوا بذلك فقل (فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) [٦١] أي فكيف يصرفون عن طاعته تعالى وتوحيده مع هذا الاعتراف.
(اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٦٢))
(اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ) أي يضيق لمن يشاء ، قيل : الظاهر أن الضمير في (لَهُ) يرجع إلى «من يشاء» فيلزم أن يكون بسط الرزق وقدره لشخص واحد وهو ليس بمراد ، فالوجه أن يقال الأصل كان أن يقول ويقدر لمن يشاء ، فوضع الضمير موضع من يشاء فكان الضمير مبهما مثله ، لأن «من يشاء» غير معين في الناس ، وقيل يجوز أن يريد تعاقب الأمرين لواحد فيكون معينا (١)(إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [٦٢] من البسط والتقتير.
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (٦٣))
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) أي أهل مكة (مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها) أي بعد يبسها (٢)(لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) على ثبوت الحجة عليكم وإقراركم بها ، ولم ينفعكم إقراركم بعدم (٣) خلوصكم فيه (٤) ، ثم قال الله تعالى (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) [٦٣] أي لا يفهمون فهم العقلاء ما يقولون ، لأنهم يشركون مع إقرارهم بذلك أو لا يعقلون ما تريد بقولك (الْحَمْدُ لِلَّهِ) عند مقالتهم ذلك ، أي الحمد لله على أنه لم يجعل إقرارنا كاقرار المشركين.
(وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (٦٤))
قوله (وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ) ازدراء للدنيا وتصغير (٥) لأمرها ، لأنه لسرعة زوالها عن أهلها وموتهم عنها ليست إلا كما يلعب الصبيان ساعة ثم يتفرقون (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ) أي حياتها (لَهِيَ الْحَيَوانُ) أي الحيوة المستمرة البقاء بلا زوال ، وسميت الحيوان لأن فيه مبالغة على الحيوة لما في بناء فعلان من معنى الحركة والاضطراب لا في بناء الحيوة ، أي كأنها في ذاتها حيوة (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) [٦٤] ذلك يقينا لم يؤثروا الدنيا على الآخرة.
(فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ (٦٥) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٦٦))
قوله (فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ) عطف على مقدر ، وهو هم متصفون بالشرك في البر دائما ، فاذا ركبوا في السفن في البحر وخافوا الغرق (دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) أي كائنين في صورة من يخلص (٦) الدين لله من المؤمنين حيث لا يذكرون غيره لعلمهم أنه لا ينجيهم إلا الله (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ) وخلصوا (٧) من الغرق (إِذا
__________________
(١) فالوجه أن يقال الأصل كان أن يقول ويقدر لمن يشاء فوضع الضمير موضع من يشاء فكان الضمير مبهما مثله لأن من يشاء غير معين في الناس وقيل يجوز أن يريد تعاقب الأمرين لواحد فيكون معينا ، ح : فالوجه أن يقال الأصل كان أن يقول ويقدر لمن يشاء فوضع الضمير موضع من يشاء وهو ضمير مبهم مثله لأن من يشاء غير معين في الناس وقيل يجوز أن يريد يعاقب الأمرين لواحد فيكون معينا ، ي ، فالوجه أن يحمل المعنى على تعاقب الأمرين لواحد يشاءه من عباده ، و. وهذه الأقوال مأخوذة عن الكشاف ، ٤ / ٢٥٣.
(٢) بعد ، وي : ـ و.
(٣) بعدم ، ح ي : لعدم ، و.
(٤) فيه ، ي : فيكم ، و ، ـ ح.
(٥) تصغير ، وي : تصغيرا ، ح.
(٦) يخلص ، ح و : تخلص ، ي.
(٧) وخلصوا ، ح ي : ويخلصوا ، و.