سواء في وجوب السجود لأن التخفيف أمر به والتشديد ذم على تركه ، والزجاج أوجبه مع التخفيف دون التشديد (١).
(قالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ (٢٧))
(قالَ)(٢) سليمان (سَنَنْظُرُ) أي نتأمل (٣)(أَصَدَقْتَ) فيما أخبرتنا به (أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ) [٢٧] فيه ، والنظر هو التأمل والتصفح ، ثم دلهم الهدهد على الماء فاستخرجوا تواضؤا وصلوا ، ثم كتب سليمان كتابا إلى بلقيس ، فقال فيه من عبد الله سليمان بن داود إلى ملكة سبأ بلقيس «بسم الله الرحمن الرحيم» (السَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى)(٤) أما بعد ف «لا (تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ)(٥) ، ثم ختمه بخاتمه وطبعه بالمسك.
(اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ (٢٨))
ثم قال للهدهد (اذْهَبْ بِكِتابِي هذا فَأَلْقِهْ) بسكون الهاء للوقف أو هو لغة صحيحة ، وبكسرها ليدل على الياء المحذوفة ، وبياء في الوصل (٦)(إِلَيْهِمْ) بلفظ الجمع ، أي إلى بلقيس وقومها ، لأنه ذكرهم معها في قوله وجدتها وقومها (ثُمَّ تَوَلَّ) أي انصرف (عَنْهُمْ) بعد إلقاء الكتاب وقف قريبا منهم (فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ) [٢٨] أي ما يردون من الجواب فأخذ الكتاب وأتى بلقيس فوجدها راقدة في قصرها بمأرب ، وقد غلقت الأبواب وضعت المفاتيح تحت رأسها فدخل من كوة وألقى الكتاب على نحرها وهي مستلقية ، وقيل : نقرها فانتبهت فزعة وكانت قارئة كاتبة عربية من نسل تبع الحميري ، فلما رأت الخاتم ارتعدت وخضعت خوفا من الخاتم لما فيه ملك سليمان ، ثم تأخر الهدهد يسيرا ، ثم جلست مع أشراف قومها وكانوا اثني عشر ألفا أو مائة ألف قائد مع كل قائد مائة ألف (٧).
(قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ (٢٩) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣٠) أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣١))
و (قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ) أي الأشراف (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ) [٢٩] أي مختوم ، قال صلىاللهعليهوسلم : «كرامة الكتاب ختمه» (٨) أو شريف لتصدره بالبسملة ، ثم قرأت عليهم ما في الكتاب وهو المذكور في المصحف لا غير في رواية مقاتل رضي الله عنه من قوله (٩)(إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ [٣٠] أَلَّا تَعْلُوا) «أن» فيه مفسرة للكتاب بدل منه ، ومعناه لا تتكبروا (عَلَيَّ) كالملوك وردوا جواب كتابي (وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) [٣١] أي طائعين منقادين.
(قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ (٣٢))
(قالَتْ) المرأة لقومها راجعة إلى استشارتهم واستطلاع آرائهم وتطييب قلوبهم واختبارهم باقامتهم معها في المعاونة (يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي) أي أشيروا علي فيه (ما كُنْتُ) أي لست (قاطِعَةً) أي فاصلة (أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ) [٣٢] أي تحضروني (١٠).
__________________
(١) نقله المصنف عن الكشاف ، ٤ / ١٩٧.
(٢) أي ، + و.
(٣) أي نتأمل ، و : ـ وي.
(٤) طه (٢٠) ، ٤٧.
(٥) النمل (٢٧) ، ٣١.
(٦) «فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ» : قرأ قالون ويعقوب وهشام بخلف عنه بكسر الهاء من غير صلة ، وأبو عمرو وعاصم وحمزة وأبو جعفر باسكان الهاء ، والباقون بكسر الهاء مع الصلة وهو الوجه الثاني لهشام وضم حمزة ويعقوب هاء «عليهم». البدور الزاهرة ، ٢٣٥.
(٧) نقله المؤلف عن الكشاف ، ٤ / ١٩٨ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٢ / ٤٩٤.
(٨) انظر السمرقندي ، ٢ / ٤٩٤ ؛ والبغوي ، ٤ / ٣٠٠. ذكره العجلوني في كشف الخفاء ، ٢ / ١٤٢.
(٩) انظر السمرقندي ، ٢ / ٤٩٤.
(١٠) أي تحضروني ، ح ي : أي تحضرون ، و.