(إِنَّما كانَ قَوْلَ
الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ
يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥١))
(إِنَّما كانَ قَوْلَ
الْمُؤْمِنِينَ) بنصب (قَوْلَ) خبر (كانَ (إِذا دُعُوا
إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) واسمها (أَنْ يَقُولُوا) وقرئ برفع «قول» اسم (كانَ) و (أَنْ يَقُولُوا) خبرها ، أي إنما كان قولهم وقت دعائهم إلى الله ورسوله أن
يقولوا (سَمِعْنا) قولك (وَأَطَعْنا) أمرك (وَأُولئِكَ) أي القائلون هذا القول (هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [٥١].
(وَمَنْ يُطِعِ اللهَ
وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٥٢))
قوله (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ
وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ) بكسر الهاء وسكون القاف تخفيف تشبيها لتقه بكتف ، وبكسر
القاف والهاء مع وصل يائها وبغير وصلها بسكون الهاء شرط ، أي ومن يطع الله في فرائضه ورسوله في سننه ويخش الله
على ما اقترف من الذنوب ويتقه فيما يستقبل جزاؤه (فَأُولئِكَ هُمُ
الْفائِزُونَ) [٥٢] أي الذين فازوا بالجنة لجمعهم أسباب الفوز.
(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ
جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ
مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (٥٣))
(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ
جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) نصب على الحال ، أي جاهدين أيمانهم وهو أن يقسم الرجل
بالله ، قال ابن عباس رضه الله عنه : «من قال أقسم بالله فقد جهد يمينه» ، المعنى : أقسم اليهود بالله (لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ) يا محمد بالخروج إلى الغزو أو من أموالهم (لَيَخْرُجُنَّ) فلم يصدقوا فأنت (قُلْ) لهم (لا تُقْسِمُوا) بالله بأفواهكم وقلوبكم على خلافها ما أمرتم به (طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) شرعا بنية خالصة أو طاعة معروفة بنية خالصة خير لكم من
قسمكم باللسان لعدم صدقكم في القسم ، ف (طاعَةٌ) خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ محذوف الخبر (إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ) أي عالم بما في ضمائركم و (بِما تَعْمَلُونَ) [٥٣] في الظاهر فيجازيكم به.
(قُلْ أَطِيعُوا اللهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ
وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَما عَلَى الرَّسُولِ
إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (٥٤))
(قُلْ أَطِيعُوا اللهَ) في الفرائض (وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ) في السنن ، ثم قال تعالى (فَإِنْ تَوَلَّوْا) أي تتولوا خطاب ملتفت من الغيبة لقصد المبالغة في
التبكيت على معنى فان تعرضوا عن طاعة الرسول فما ضررتموه بل ضررتم أنفسكم (فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ) أي ما كلفه الله من أداء الرسالة وقد أداه (وَعَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ) أي ما كلفكم من الطاعة والقبول (وَإِنْ تُطِيعُوهُ) أي الرسول (تَهْتَدُوا) أي تحرزوا نصيبكم من الخروج عن الضلالة إلى الهداية ،
وإن لم تطيعوه فقد عرضتم نفوسكم لسخط الله وعذابه ، فالنفع والضر لكم (وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ
الْمُبِينُ) [٥٤] أي التبليغ الظاهر بالحجة ، ووصفه ب (الْمُبِينُ) لكونه مقرونا بالآيات والمعجزات.
(وَعَدَ اللهُ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي
الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ
دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ
أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي
__________________