إِلَّا وارِدُها ...) الآية ، فقال : «ألا تسمعين (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا) الآية [مريم : ٧٢]». (١) وقيل : الورود : الدخول ، وهي في حقّ الناجين جامدة. (٢)
٧٣ ـ (وَأَحْسَنُ نَدِيًّا) : ناديا ، وهو المجلس الذي تشهده العشيرة والجيران ، ويشبّه جدال هؤلاء المشركين بقول فرعون : (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ) [الزخرف : ٥١] ، وقول أحد الرجلين في جنتّه : (ما أَظُنُ (٣) أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً) [الكهف : ٣٥] ، سبحان الله ما أجمعهم على وتيرة واحدة حتى كأنّهم تواصوا بها ، أو تواطؤوا عليها مع بعد الديار ، واختلاف الأعصار.
٧٥ ـ (فَلْيَمْدُدْ) : مجاز ، فواجب على الله أن يمدّ له في الدنيا ، وحقيقته ليظنّ له المدّ من قضاء الله وقدره ، وهذه قريبة من قوله : (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ ...) الآية [الزخرف : ٣٣] ، وفي هذا المعنى قوله عليهالسلام : «مثل المؤمن كالخامة من الزرع تمليها الرياح مرّة هاهنا ، ومرّة هاهنا ، ومثل المنافق كالأرزة المجدبة لا تحرّكها العواصف حتى يكون انجعافها مرّة». (٤) فالجمع بين هذه وبين قوله : (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا ...) الآية [المائدة : ٦٦] ، وقوله : (اسْتَغْفِرُوا (٥) رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً (١٠) يُرْسِلِ السَّماءَ ...) الآية [نوح : ١٠ ـ ١١] ، وهو قوله عليهالسلام لقريش وأمثالهم : «أدعوكم إلى كلمة تملكون بها العرب ، ويذلّ لكم بها العجم». هو أنّ الضلالة قد تكون سببا لليسر مرّة والعسر أخرى ، وكذلك الهدى ما دامت محنة الالتباس قائمة ، وعزيمة الابتلاء باقية ، فلا تناقض بين الأحاديث والآيات.
٧٦ ـ (وَيَزِيدُ اللهُ) : قال الكلبيّ وغيره : (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا) : بالمنسوخ ، (هُدىً) : بالناسخ. (٦)
٧٨ ـ (أَطَّلَعَ الْغَيْبَ) : قال الفرّاء : الاطلاع : البلوع ، يقال : اطلعت هذه الأرض ، أي : بلغتها.
__________________
(١) أخرجه أحمد في المسند ٦ / ٣٦٢ ، ومسلم في الصحيح (٢٤٩٦) ، والطبراني في الكبير ٢٥ / (٢٦٦) ، وابن أبي عاصم في السنة (٨٦١).
(٢) ينظر : تفسير الطبري ٨ / ٣٦٤ عن خالد بن معدان.
(٣) الأصل وك وأ : وما أظن.
(٤) أخرجه أحمد في المسند ٦ / ٣٨٦ ، والبخاري في الصحيح (٥٦٤٣) ، ومسلم في الصحيح (٢٨١٠) ، والدارمي في السنن ٢ / ٣١٠ عن عبد الرحمن بن عوف.
(٥) الأصول المخطوطة : واستغفروا.
(٦) ينظر : تفسير الماوردي ٣ / ٣٨٧ عن الكلبي ومقاتل ، وزاد المسير ٥ / ١٩٢ من غير نسبة.