وعن ابن عباس قال : كان ميعاده الذي واعد فيه صاحبه ، فانتظر حتى حال عليه الحول. (١)
٥٦ ـ (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ) : هو أبو جد نوح عليهماالسلام ، واسمه أخنوخ (٢). وقيل : أنوخ. وسمّي إدريس لكثرة ما يدرس كتب الله وسنن الإسلام ، وأنزل الله عليه ثلاثين صحيفة ، وهو أوّل من خطّ بالقلم (٣) ، ونظر في علم النجوم والحساب (٤) ، وأوّل من خاط الثياب ولبسها ، وكان من قبله يلبسون الجلود (٥) ، واستجاب له ألف إنسان ممّن كان يدعوهم ، فلمّا رفعه الله اختلفوا بعده ، وأحدثوا الأحداث إلى زمن نوح عليهالسلام ، ورفعه وهو ابن ثلاث مئة وخمس وستين سنة.
عن الكلبيّ ، عن زيد بن أسلم ، عن رسول الله : «أنّ إدريس جدّ أبي نوح ، وكان أهل الأرض بعضهم يومئذ كافرا ، وبعضهم مؤمنا ، وكان يصعد لإدريس من العمل مثل ما يصعد لجميع (٦) بني آدم ، فأحبّه ملك الموت ، فاستأذن الله تعالى في خلّته ، فأذن له ، فهبط إليه في صورة غير صورته ، صورة آدميّ مثله لكيلا يعرفه (٧) ، فقال : يا إدريس ، إنّي أحبّ أن أصحبك ، وأكون معك ، فقال له إدريس : إنّك لا تطيق ذلك ، قال : بلى ، أرجو أن يقويني الله على ذلك ، فكان معه يصحبه (٨) ، فكان إدريس يسيح النهار كلّه صائما ، فإذا جنّه الليل أتاه رزقه حيث يمشي ، فيفطر عليه ، ثمّ يحيي الليل كلّه ، قال : فساحا النهار كلّه صائمين حتى إذا أمسيا أتى إدريس رزقه ، فجلس يفطر ، فدعا الآخر ، فقال : والذي جعلك بشرا لا أشتهيه ، فطعم إدريس ، ثمّ استقبل الليل كلّه بالصلاة ، فإدريس تناله الفترة والسآمة من الليل ، والآخر لا يسأم ، فجعل إدريس (٢٠٨ ظ) يتعجّب منه ، ثمّ أصبحا صائمين ، فساحا حتى إذا أجنّهما من الليل ، أتى إدريس رزقه ، فجعل يطعم ، ودعا الآخر ، فقال : لا ، والذي جعلك بشرا لا (٩) أشتهيه ، فطعم إدريس ، ثمّ استقبل الليل كلّه بالصلاة ، فإدريس تناله السآمة والفترة ، والآخر لا يسأم ولا يفتر ،
__________________
بعشرة وجوه في كتابه إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان ٣٥٤ ـ ٣٥٧ ، آخرها نص قول النبي عليهالسلام : «أنا ابن الذبيحين» ، يقصد أباه عبد الله وجده إسماعيل عليهالسلام.
(١) ينظر : تفسير الماوردي ٣ / ٣٧٦ ، وزاد المسير ٥ / ١٧٨ ، ومجمع البيان ٦ / ٣٤٠ ، وفتح البيان ٨ / ١٧٠.
(٢) البدء والتاريخ ٣ / ١١ ، والمنتظم ٢ / ١٤٢ ، وشذرات الذهب ٢ / ١٠٨.
(٣) ينظر : البدء والتاريخ ٣ / ١١ و ١٣ ، محاضرة الأوائل ٢٧ ، عن أبي ذر الغفاري.
(٤) (ونظر في علم النجوم والحساب) ، ساقطة من أ.
(٥) ينظر : البدء والتاريخ ٣ / ١١ ، ومحاضرة الأوائل ٨٣.
(٦) ساقطة من ع.
(٧) مكررة في أ.
(٨) الأصول المخطوطة : يصحب.
(٩) ساقطة من أ.