فعند ذلك خرجوا هرابا إلى الكهف ، فآووا إليه ، ففقدهم قومهم من بين أظهرهم ، وتطلّبهم الملك فلم يظفر بهم ، وعمّى الله عليه خبرهم ـ كما فعل بنبيّه محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وصاحبه الصدّيق حين لجآ إلى غار «ثور» ، وجاء المشركون من قريش فى طلبهم ، فلم يهتدوا إليه ، مع أنهم يمرّون عليه ، وعندها قال النبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حين رأى جزع الصدّيق فى قوله : يا رسول الله : لو أن أحدهم نظر إلى موقع قدميه لأبصرنا .. فقال : يا أبا بكر .. ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟.
وقد قال الله تعالى : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ : لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى ، وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيا ، وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة : ٤٠]
* فقصة غار ثور أشرف وأجل وأعظم وأعجب من قصة غار أصحاب الكهف المسمى (حيزم)
وقد قيل : إن قومهم ظفروا بهم ، ووقفوا على باب الغار الذى دخلوه ، فقالوا : ما كنا نريد منهم من العقوبة أكثر مما فعلوا بأنفسهم ، فأمر الملك بردم بابه عليهم ليهلكوا مكانهم ، ففعلوا ذلك.
ويبدو أن ذلك ليس صحيحا ، لأن القرآن الكريم قد أخبر أن الشمس كانت تدخل عليهم فى الكهف بكرة وعشيّا.
(وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ ، وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ، ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ ، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً) [الكهف : ١٧]