يقول تعالى مخبرا عن ذى القرنين (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً) أى ثم سلك طريقا ثالثا بين المشرق والمغرب ، يوصله جهة الشمال حيث الجبال الشاهقة. (حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ) أى حتى إذا وصل إلى منطقة بين حاجزين عظيمين ، بمنقطع أرض بلاد الترك مما يلى أرمينية وأذربيجان.
قال الطبرى : والسّدّ : الحاجز بين الشيئين ، وهما هنا جبلان سدّ ما بينهما ، فردم ذو القرنين حاجزا بين يأجوج ومأجوج من ورائهم ليقطع مادة غوائلهم وشرهم عنهم. (١)
وقال ابن كثير : وهما جبلان متناوحان بينهما ثغرة ، يخرج منها يأجوج ومأجوج على بلاد الترك ، فيعيثون فيها فسادا ، ويهلكون الحرث والنسل. (٢)
* من هم يأجوج ومأجوج؟
جاء فى مسند الإمام أحمد : عن سمرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ولد نوح ثلاثة ، سام أبو العرب ، وحام أبو السودان ، ويافث أبو الترك». قال بعض العلماء : هؤلاء من نسل يافث أبى الترك ، قال : إنما سمى هؤلاء تركا لأنهم تركوا من وراء السد من هذه الجهة ، وإلا فهم أقرباء أولئك ، ولكن كان فى أولئك بغى وفساد وجراءة.
وقال السيوطى فى «الدر المنثور» : بإسناد إلى حذيفة قال : سألت رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عن يأجوج ومأجوج ، فقال : يأجوج ومأجوج أمة كل أمة أربعمائة ألف أمة لا يموت أحدهم حتى ينظر إلى ألف رجل من صلبه ، كلّ حمل السلاح ، قلت : يا رسول الله : صفهم لنا ، قال : هم ثلاثة أصناف : صنف منهم : أمثال الأرز ، قلت : وما الأرز؟ قال : شجر بالشام ، طول الشجرة عشرون ومائة ذراع فى السماء. قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ هؤلاء الذين لا يقوم
__________________
(١) تفسير الطبرى ١٦ / ١٥
(٢) تفسير ابن كثير ٣ / ١٠٣