كيف يتوهم من فى قلبه أدنى لمحة من إيمان وحكمة ، أن يكون الرسول قد أغفل بيان هذه الأمور ولم يتمها غاية التمام ، وهو القائل : «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلّوا بعدى أبدا ، كتاب الله وسنتى» (١)
إن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بيّن جميع الدين ، أصوله وفروعه ، باطنه وظاهره ، علمه وعمله .. فإن هذا الأمر هو أصل أصول العلم والإيمان ، وكل من كان أعظم اعتصاما ، وأكثر تمسكا بهذا الأصل ، كان أولى بالحق علما وعملا.
كما بين الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كل أصول الدين الحق ، الذى أنزل الله به كتابه ، وأرسل رسله ، وهى الأدلة والبراهين ، والآيات الدالة على ذلك ، بيّنها أحسن تبيين ، ودلّ الناس وهداهم إلى الأدلة العقلية ، والبراهين اليقينية ، التى بها يعلمون المطالب الإلهية ، وبها يعلمون إثبات ربوبية الله ـ سبحانه وتعالى ـ ووحدانيته وصفاته ، وغير ذلك مما يحتاج إلى معرفته بالأدلة السمعية ، بل وما يمكن بيانه بالأدلة العقلية ، وإن كان لا يحتاج إليها ، فإن كثيرا من هذه الأمور يعرف بالخبر الصادق ، ومع ذلك فالرسول الكريم ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بين الأدلّة العقلية الدالة عليها ، فجمع بين الطرفين : الدلائل السمعية ، والدلائل العقلية.
__________________
(١) متفق عليه.