(أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (٣٣) ؛ يعني أبا بكر وأصحابه المؤمنين ، وقوله تعالى : (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ؛) يعني لهم ما يشاؤون من الكرامة في الجنّة و (ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) (٣٤) ؛ في أقوالهم وأعمالهم. وقوله تعالى : (لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا ؛) أي ليكفّر الله عنهم أقبح أعمالهم التي عملوها في الدّنيا بحسناتهم ، (وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) (٣٥) ، قال مقاتل : (بالمحاسن من أعمالهم ، ولا يجزيهم بالمساوئ) (١).
قوله تعالى : (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ ؛) وذلك «أن» (٢) المشركين من أهل مكّة قالوا للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : إنّك لا تزال تشتم آلهتنا وتعيبها فاتّقها أن لا تصيبك بشيء فتخبلك! فأنزل الله هذه الآية. وقيل : معناه : أليس الله بكاف عبده محمّدا صلىاللهعليهوسلم يكفيه عداوة من يعاديه.
ومن قرأ (عباده) فالمراد بالعباد الأنبياء ، وذلك أنّ الأمم قصدتهم بالسّوء ، وهو قوله تعالى : (وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ)(٣) فكفاهم الله شرّ من عاداهم ، يعني إنه كافيك كما كفى هؤلاء الرسل قبلك.
وقوله تعالى : (وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) ، أي بالذين يعبدون من دونه هم الأصنام. (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٦) وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ) (٣٧).
قوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ ؛) وذلك أنّهم «مع» (٤) عبادتهم غير الله يقرّون أن الله خالق هذه الأشياء ، فجعل الله إقرارهم بذلك حجّة عليهم.
__________________
(١) قاله مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ١٣٣.
(٢) (أن) سقطت من المخطوط.
(٣) غافر / ٥.
(٤) «مع» سقطت من المخطوط.